تصدر مجلة الأعمال الشهيرة "فوربس" سنويا قائمة الأكثر ثراء في العالم، والتي غالبا ما تحوي أسماء مكررة، مع تبديل للمراكز بحكم تفاوت قيمة الثروات نظرا لتفاوت تقييمها سنويا، وتعتمد فوربس في إصدار قائمتها على محررين كثر يعملون على إحصاء وتقييم ما يتاح لهم معرفته حول ثروات الأثرياء، وتعتمد على شبكة علاقات عالمية تزودها بالمعلومات.
لدينا عربيا أيضا قوائم أثرى الأثرياء العرب، وأكثر الناس قوة، وأكثرهم نفوذا، وتأثيرا، وأفضل المدراء وكبار التنفيذيين، لكن وعلى العموم تلك القوائم تعطي قارئها لمحة عامة عن شخصيات اشتهرت في جانب معين أو أثرت في بعض الجوانب، ولا يمكن الجزم بأن من ورد في تلك القوائم سواء العربية أو العالمية هم فعلا على رأس قائمة الأثرياء والأقوياء والمتنفذين والإداريين، لأسباب عدة:
قوائم الأثرياء: يمتنع كثيرون في العالم عن الإفصاح عن حجم ثرواتهم وما يملكون من أصول وأموال، لأسباب شخصية وخاصة أو سياسية أو لأن الإفصاح عن ذلك يكشف حقيقة أعمالهم وتجاراتهم التي قد تكون غير مشروعة، أو تهربا من الالتزامات وغيرها.. والجميع يعلم أن هناك أشخاصا يملكون المليارات ولم يردوا في تلك القوائم.
كما أن حصر وإحصاء وتقييم أموال الأثرياء يحتاج إلى كثير من الجهد لا يمكن أن يقوم به صحفي أو محرر لوحده، فهو بحاجة لمقيّمين ومثمنين، وذوو خبرات، كما يحتاج لمعلومات داخلية، فمثلا: ماذا لو كان أحد الأثرياء يملك ذهبا ومجوهرات ثمينة؟ وماذا لو كان لديه حسابات مصرفية سرية؟ أو مزارع وقصور بعيدة وخارجية؟ ...وفي جانب آخر قد يشوب ذلك الإحصاء والتقييم المبالغة.
قوائم الأكثر قوة: بحسب مصدري قوائم الأكثر قوة، فإن المعيار الأساسي المستخدم في الاختيار لهذه القائمة هو مدى التأثير... المشكلة هنا كيف يقاس مدى التأثير؟؟ ألسنا بحاجة لمسوحات اجتماعية إقليمية (إذا كانت القائمة إقليمية) أو عالمية (إذا كانت القائمة عالمية)، بالإضافة إلى قياس الرأي العام، والمقارنة بتأثيرات أخرى، والبعد عن العاطفة والمجاملة والمحاباة ،،، فالغريب أن تحوي بعض قوائم الأقوياء الأكثر قوة وفي صدارتها أشخاصا علاقتهم بالقوة والتأثير علاقة عادية، كرئيس شركة اضطرت إلى إطفاء كامل لأصل كبير من أصولها الفاشلة، وامرأة ظهرت في برنامج تلفزيوني شهير لدقائق معدودة قد يكون ملايين العرب لم يسمعوا به فضلا عن سماعهم بضيف البرنامج !! أومغنية أو مغني طلب سعرا عاليا لألبومه الجديد فحصل منه على إيراد أكبر وبالتالي أصبح أكثر قوة !! ولم تتضمن تلك القوائم سياسيين بارزين أحدثوا تغييرات جوهرية في المجتمع، أو زعماء عسكريين قادوا حروبا أو معارك حصلت مؤخرا أو إعلاميين وعلماء ينتظر برامجهم وكتبهم وفتاواهم ملايين الناس ..
أما قوائم المدراء الأفضل، أو أبرز الرؤساء التنفيذيين، فالمطلوب من تلك القوائم أن تضم مدراء حققوا لشركاتهم نقلات نوعية ومتميزة أو أنقذوها من سقطات كبرى، أما مجرد نمو أرباح الشركة بوتيرة عادية أو ممتازة فليس مقياسا دقيقا لأن يكون المدير التنفيذي هو الأبرز أو الأفضل ضمن قادة الأعمال، خصوصا في زمن الطفرات والصفقات كالفترة التي سبقت الأزمة المالية، فعلى سبيل المثال: الجميع يعلم أن الصفقات العقارية في الإمارات ودول خليجية وغيرها كانت ناجحة بصورة كبيرة في معظمها، فتحقيق أرباح طائلة من الصفقات العقارية كان سهلا بفضل الطلب الكبير، ولا يعني أن الفضل بذلك كله لرئيس شركة معنية بعينها أو انجاز لا مثيل له من قبله ،،، والغريب أن قوائم قديمة لأبرز قادة الأعمال والمدراء التنفيذيين ضمت في صفوفها أناسا يقبعون الآن في السجون أو يراجعون المحاكم أو أنهم اختفوا عن الأنظار نتيجة مخالفات أو سرقات أو رشاوى وتجاوزات وخلل وفساد إداري: تفسّر كثيرا من جوانب النجاحات الصورية.
بالنهاية أنا لا أنكر أن تلك القوائم تعطي فكرة عامة عن شهرة بعض الناس، لكن لا يمكن اتخاذها معيارا ومثالا يحتذى، وتبقى قوائم الأكثر ثراء في العالم الصادرة عن فوربس أكثر مصداقية بنظري نتيجة للشفافية الكبيرة في الدول الغربية والمتقدمة (نتيجة الإفصاح عن الأموال والممتلكات لمصلحة الضرائب والمساهمين، ولعدم وجود عوائق اجتماعية بنظرهم كالحسد ونحوه..).
الشيء الواضح من هذه القوائم هو تأثير جنسيات المحررين على الاختيار، فمثلا تصنيق مجلة الاربيان بيزنس لاكثر 100 شخصية لا يعبر على الواقع اطلاقا. لان الاختيارات على حسب اهواء وجنسية المحرر وهو مانشهده ونراه. الملاحظ ايضا غياب علماء الدين عن هذه القوائم، اليس لهم تأثير؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وجود مغنى مثل تامر حسني او لاعب مثل جدو وغيرهما تضع الكثير من التساؤولات حول المصداقية.
أهم الشي انو اسمي مو معهم .. علشان الضرائب بس