دائما افترض فيمن يرفع شعارات المهنية والمصداقية ان يكون اول من يعمل بها !! ولذلك انظر باعجاب شديد الى المكاتب المهنية عامة والى مكاتب التدقيق خاصة بهذا الشعور لسببين :
الاول: ان هذه المكاتب العالمية هى من تحمل عبء تطور المهنة وهى التى تمارس دورها باستقلال وحيادية تامة.
والثانى: ان انتمائى لمهنة المراجعة والتدقيق يجعلنى اتابع بشغف بالغ التطورات الحادثة فى المهنة على الصعدين العالمى والاقليمى. ولكن ظهرت خلال الفترة القصيرة الماضية بعض التطورات والتأثيرات السلبية على صعيد المهنة مما يفقدها تلك المميزات التى نفتخر بها لهذه المهنة الجميلة التى اعشقها !! واعنى بهذه التاثيرات السلبية ما أثير على مكتب من أكبر مكاتب المراجعة العالمية وهو مكتب ارنست يونج العالمى فى حادثتين منفصلتين احدهما عالمية واعنى بها التقرير عن اسباب انهيار بنك ليمان برازر.
حيث ذكر التقرير أعده أنطوان فالوكس، المعيّن من قبل القضاء الأمريكي للتدقيق في حسابات المصرف بعد تقدمه بطلب للحماية من الإفلاس، إن إدارة "ليمان براذرز،" تجاوزت بشكل متكرر معايير المخاطرة الداخلية التي تعتمدها، كما ارتكبت مجموعة كبيرة من الأخطاء واتخذت خطوات دون تفكير دقيق. وانتقد التقرير الواقع في 2200 صفحة شركة "أيرنست أند يونغ" التي كانت تقوم بالتدقيق في حسابات المصرف، وقال إنه كان عليها الإشارة إلى مخاطر هذه التصرفات من قبل إدارة "ليمان براذرز." ولكن فالوكس اعتبر أن مسؤولية انهيار المصرف "مشتركة" وهي تتوزع بين النظم المالية التي تشجع المخاطرة، والإمعان في الحصول على قروض وتسهيلات مالية بسبب سهولة ذلك.
اما الحادثة الثانية وهى على المستوى الاقليمى وهو ماقررته سلطة مركز دبي المالي العالمي حيث أمرت شركة "داماس" المدرجة في "ناسداك دبي" بوقف التعامل مع "آرنست أند يونج"، واحالة مهام التدقيق المالي الخارجي الى شركة أخرى، وذلك اضافة الى حل مجلس ادارة الشركة بالكامل وانزال عقوبات مالية وادارية بحق الأخوين عبد الله. وكان الرئيس التنفيذي لسلطة مركز دبي المالي العالمي بول كوستر قال لقناة العربية ان مجلس ادارة "داماس" فشل في حماية حقوق وأموال المساهمين في الشركة، ولذلك فانه يتوجب عليه الاستقالة وقد وافق على ذلك طوعياً، لكن كوستر لم يُعرج على أسباب اتخاذ القرار بتغيير المدقق الخارجي للشركة، كما لم يتطرق أيضاً الى البيانات المالية للشركة وان كانت قد تضمنت أية أخطاء أو عيوب. ان هاتين الحادثتين المنفصلتين خلال مدة قصيرة تلقى بظلالها السلبية والكئيبة على مهنة المراجعة بصفة عامة وعلى مكتب من اكبر المكاتب المهنية العالمية بصفة خاصة مما يؤثر – بلاشك – سلبا على تطور المهنة وعلى استقلالها وحياديتها وهما من اكبر الامور واكثرها دعوة الى رفع شأن مهنة المحاسبة والمراجعة.
وهذه الاحداث الاخيرة تدعونا الى العودة الى الماضى القريب وتداعيات انهيار وافلاس شركة انرون الامريكية العملاقة والدور الذى لعبه ايضا مكتب من اكبر مكاتب المراجعة العالمية – انذاك – مكتب ارثر اندرسون .... ما ترتب عليه انهيار المكتب المذكور واتنهائه تماما وهو ما كان له من اثار سلبية على مهنة المحاسبة والمراجعة وفقدانها بعض – ان لم اقل الكثير – مصداقيتها .
اننى على ثقة ان هذه الاحداث لن تلغى الدور الهام والمشرف لمهنة المراجعة ..!! ولكن اشعر بقلق حقيقى ان يكون مكتب ارنست يونج بسير على خطى مكتب ارثر اندرسون !! لان اثار السير على هذه الخطى لن يؤثر على المكتب فقط بل سيكون له تداعيات سلبية على المهنة بصفة عامة وعلى العاملين فى المهنة جميعهم بصفة خاصة !! وهو ما أتمنى الايحدث ... وهو ما ستفصح الايام القادمة عنه !! ان بذل العناية المهنية الكافية والاتزام بصفتى الاستقلال والحيادية هما من اهم اسباب نجاح المهنة .... بل من اهم اسباب ان يثق الناس ومجتمع الاعمال بنا ..!! ان غيرتى على المهنة هو ما دعانى الى كتابة هذا المقال .. واتمنى ان اكون مخطئا فى هواجسى وظنونى...!!!
شكرا دكتور جمال.. ماهي حدود وصلاحيات المراجع وكيف بامكانه التعامل مع مثل قضية داماس ... الا يعتبر ما قام به الاخوان عبدالله تعاملات مع أطراف ذات علاقة .. وماهي مسئوليته في هذا الجانب؟؟
عزيزى د . احمد سؤالك هام جدا ويحتاج الى مقالات وليس مقال للاجابه عليه . اما بالنسبة لقضية داماس ... فما قام به الاخوان عبد الله ليس مجرد تعاملات مع اطراف ذات علاقة فقط !!وانما كما صرحت سلطة مركز دبى المالى (ان مجلس ادارة “داماس″ فشل في حماية حقوق وأموال المساهمين في الشركة ) اما فيما يخص ارنست اند يونج فلم توضح الاسباب حتى الان !!! ولعلك فتحت لى موضوع مقال ( حدود وصلاحيات المراجع مع تعاملات اطراف ذات علاقة !!!) وختاما شكرى العميق لسعادتكم لمتابعتك لمقالاتى وتعليقك اثراء لها وخاصة انها تأتى من استاذ البتروكيماويات .... فشكرا جزيلا لك .... د . جمال شحات