كما ذكرنا في المقالة الثانية من هذه السلسلة، فإن الحديث عن تطوير قطاع التعليم في المملكة العربية السعودية ينطلق عادة من استعراض نتائج التقييم الطوعي لبعض مكونات قطاع التعليم، بقيادة وزارة التعليم، عن طريق اختبارات معيارية دولية منها: TIMSS وPIRLS وPISA وTALIS. وسنستعرض في مقالتين متتاليتين عدداً من النتائج، التي نرى أهمية أن تكون عنصراً في مصفوفة اتخاذ القرار، لا أن تُبنى القرارات عليها وحدها، أو أن يكون لنتائج هذه الاختبارات وزناً أكبر من غيرها في هذه القرارات.
نبدأ أولا باستعراض نتاج اختبارات الصفين الرابع (من عام 2011م) والثامن (من عام 2003م) لمادتي الرياضيات والعلوم في اختبار الاتّجاهات في الدراسات العالمية للرّياضيات والعلوم (TIMSS). ولن نتطرق للتفاصيل اللوجستية للاختبارات، وسنكتفي بمتوسط نتائج الطلاب والطالبات السعوديين معا، مع مقارنة نتائج الاختبارات بالنتائج التي حققتها الدولة الأفضل لكل اختبار. المقاييس المعتمدة في اختبارات TIMSS لتقييم مستوى الأداء هي متوسط درجات الطلاب، كما هو موضح في الشكل التالي:


أداء الطلاب في المدارس السعودية للصف الرابع لمادتي الرياضيات والعلوم يراوح حول متوسط الدرجة 400، أما أداء الطلاب في الصف الثامن لمادة الرياضيات فقد بدأ من درجة منخفضة ثم ارتفع ليراوح حول متوسط الدرجة 400. وفيما يخص مادة العلوم للصف الثامن فنلاحظ ارتفاعاً بسيطاً في الأداء انطلاقاً من متوسط 400.
ونستعرض فيما يلي نتائج اختبار القراءة للصف الرابع في الدراسة الدولية لقياس مدى تقدم القراءة في العالم (PIRLS). أظهرت النتائج تحسناً بسيطاً في الأداء من بدء مشاركة المملكة في هذا الاختبار عام 2011م، ولكن بقيت النتائج منخفضةً مقارنة بباقي الدول.

ونختم باستعراض نتائج اختبارات الطلاب من متوسط أعمار 15 عاماً في القراءة والرياضيات والعلوم في البرنامج الدولي لتقييم الطلبة (PISA). تظهر هذه الاختبارات – لطلابٍ متوسط أعمارهم 15 عاماً – أن مستوى الأفضل عالمياً يظهرُ انخفاضاً واضحاً في الموضوعات الثلاثة خاصة في العلوم، أما في المملكة فقد تحسّن المستوى في الرياضيات والعلوم خلال فترة القياس هذه، وانخفض مستوى القراءة.

إن النتائج التي استعرضناها في هذه المقالة هي لطلاب المدارس في المملكة العربية السعودية من مختلف مناطقها، تشمل الذكور والإناث، والمدارس الخاصة والحكومية. فهل مستوى أداء الطلاب الذي تظهره الاختبارات المعيارية (مع وجود تباين بين نتائج اختبارات TIMSS واختبارات PISA لمادتي العلوم والرياضيات) سببه المدرّس، أم الطالب، أم البيئة التعليمية؟ أم أن السبب أمرٌ غير هذا كلّه؟ وهل يمكن الاعتماد على هذه النتائج في توجيه عملية تطوير منظومة التعليم في المملكة العربية السعودية؟
سنعرض في المقالة التالية – بإذن الله – نتائج دراسات تسلّط ضوءاً على مناحٍ أخرى من قطاع التعليم في المملكة العربية السعودية.
خاص_الفابيتا


