الاستدامة والذكاء الاصطناعي

19/11/2025 0
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

يتقدم العالم بشكل سريع لم يسبق له مثيل، حيث يهيمن موضوع الاستدامة والذكاء الاصطناعي على المواضيع المهمة والحديثة في الأدبيات المختلفة، إذ يجمع هذا الموضوع بين التكنولوجيا المتقدمة والحفاظ على البيئة والمجتمع والقيم والأخلاق والاقتصاد للأجيال القادمة. انعقدت الكثير من المؤتمرات المتخصصة في الاستدامة والذكاء الاصطناعي للبحث فيه وفي مستقبله وأثره الإيجابي والسلبي على الاقتصاد والمجتمع والبيئة من وجهات نظر مختلفة. المقصود بالاستدامة الثلاثية البيئة والمجتمع والحكومة «ESG».تعني الاستدامة تلبية احتياجات الحاضر دون التأثير السلبي في قدرات الأجيال القادمة. وتشمل الاحتياجات الرئيسة البيئة وما تشملها من موارد، بحيث تتم المحافظة على الماء والهواء والنبات من التلوث والانبعاث الكربوني. وثانياً الاستدامة الاقتصادية لتحقيق النمو المستدام من غير استنزاف للموارد بمختلف أنواعها.

ثالثاً الاستدامة الاجتماعية من حيث العدالة والمساواة وتحسين جودة الحياة للبشر.

للذكاء الاصطناعي دور مهم في تحقيق الاستدامة في البيئة من حيث مراقبة المناخ في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات المناخية والتنبؤ بالتغيرات البيئية. كما أن له دور في إدارة الطاقة لتحسين كفاءة استهلاكها في المباني والمدن الذكية والمصانع والنقل والمواصلات وغيرها من النشاطات الصناعية والاقتصادية. يستخدم الذكاء الاصطناعي في الزراعة الذكية في تحليل صور الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة لتقليل استخدام المياه والمبيدات. يستخدم الذكاء الاصطناعي في إدارة النفايات بفرز وإعادة تدوير النفايات باستخدام الروبوتات وأنظمة الرؤية الحاسوبية المتقدمة.

للذكاء الاصطناعي أهمية في تحسين كفاءة الإنتاجية في نواحي الأتمتة الذكية التي تقلل الهدر في الوقت والموارد الخام الداخلة في المدخلات وتقليل وقت العملية الإنتاجية. نلاحظ اليوم الاهتمام بالذكاء الاصطناعي في الصناعة لأنها تخفض التكلفة والوقت وتساهم في سرعة وصول المنتجات الى الأسواق. عملية سلاسل الإمداد الذكية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والحاسوبات العالية التقنية للتنبؤ بالطلب وتخطيط النقل لتقليل الانبعاثات والمحافظة على سلامة السلع وشحنها في الوقت المناسب بالسرعة المناسبة. يستخدم الذكاء الاصطناعي في التمويل المستدام باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتقييم المخاطر البيئية والاجتماعية والسياسية والتقنية والتكنولوجية والفرص في الاستثمارات، ويمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التعليم المستدام من خلال منصات تعليم ذكية توفّر فرصًا متساوية للتعلم للجميع. يستفيد قطاع الرعاية الصحية من الذكاء الاصطناعي في تحسين التشخيص المبكر للأمراض وتوفير الرعاية عن بُعد واجراء العمليات بدقة وسرعة. تستفيد الشركات من الذكاء الاصطناعي والاستدامة في حوكمة البيانات وتعزيز الشفافية واتخاذ القرارات المبنية على معلومات دقيقة.

تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي في الاستدامة

إن استهلاك الطاقة العالي في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة. هذه التكلفة العالية على الاقتصاد، لكنها تصبح مجدية اقتصادياً في المدى البعيد بما توفره من سرعة وكفاءة عالية وقلة اعتماد على العنصر البشري المكلف والبطيء وربما الأقل جودة. لقد شهد الذكاء الاصطناعي تقدماً ملموساً في العقد الأخير من بداية القرن الحادي والعشرين لأسباب كثيرة منها التقدم الكبير في علوم الحاسوب والمعلومات والتقدم التكنولوجي والتقني الملموس. وبالطبع زاد الاستغناء عن المورد البشري لبعض الوظائف ما زاد البطالة لبعضها ما يتطلب تطوير للذات في هذا المجال. قد يتسبب الذكاء الاصطناعي للتحيز في البيانات الذي قد يؤدي إلى قرارات غير دقيقة وغير عادلة بالتالي يؤثر في جودة القرار. لا قلب ولا عقل ولا عاطفة للذكاء الاصطناعي ما يؤثر في التفاعل الإنساني مع الإنسان. هذا يؤثر في خصوصية الإنسان والأمن في جمع المعلومات والبيانات المتعلقة بالقرار. أيضاً هناك الفجوة الرقمية بين الدول الصناعية المتقدمة والنامية وكذلك الأقل نمواً في هذه الناحية الأساسية للقرارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها.

الخلاصة: الذكاء الاصطناعي والاستدامة متلازمان وستزيد الحاجة للتكامل بينهما وربما ننتقل إلى مراحل متقدمة تجعل الحياة البشرية أسرع وتيرة وأقل تكلفة على الناس والدول التي تقرأ وتتبنى هذا التقدم العلمي بكفاءة عالية.

 

نقلا عن صحيفة اليوم