الواقعية ومقاومة التغيير

13/11/2025 0
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

الواقعية ومقاومة التغيير عبارة تحمل الكثير من المعاني الواقعية أو المنطق والمعرفة بعيداً عن الخيال المستحيل التحقق لأسباب كثيرة منها البيئية والتكلفة والاقتصادية والجدوى التي لا يمكن تحقيقها بأي حال من الأحوال ومهما كانت القوة المالية للمؤسسات والشركات وكذلك البشرية والتكنولوجية والتقنية. حقيقة العنوان «الواقعية ومقاومة التغيير» تجمع بين مفهومين متداخلين الواقعية ومقاومة التغيير، لكنهما متعارضان في معظم الأحيان، خاصة إذا كان مدير المؤسسة أو الشركة أو المشروع بتصور خيالي غير واقعي ولا يواكب خبرة ومهارات ومعرفة الموظفين المتخصصين في مجالات لا يعرفها ولا يملك المهارات التقنية والاقتصادية والتصورات الواقعية. صاحب المشروع يحتاج للواقعية والمنطق ودراسة مستفيضة يقوم بها المتخصصون من ذوي الخبرة والمعرفة والصدق والأمانة بعيداً عن المجاملة والمحاباة والمحسوبية التي لا تنسجم مع الواقعية والقيم العالية.

ما هي الواقعية؟

الواقعية هي التعامل مع الأمور كما هي بلا مبالغة أو تصور غير واقعي، ليس كما نتخيل ونرغب بدون النظر في اعتبارات تحد من الوصول إلى الخيال. وهي تقوم على تقبّل الحقائق بواقعية حتى لا نصطدم بجدار مقاومة التغيير، بل يصاب القائمون على المشروع بالإحباط وخيبة الأمل، وبالتالي فشل المشروع المؤسسي بسبب المبالغة وعدم التوافق والانسجام مع الواقعية، وفهم حدود الإمكانات المالية والبشرية والتكنولوجية، والتخطيط والتنظيم والرقابة والتقييم ضمن إطار المعطيات الواقعية الحقيقية. الواقعية عدم إعلان مدير المشروع المؤسسي أو الخاص ما يرغب الوصول إليه إلا بعد دراسة شاملة مستفيضة للإمكانات المالية والبشرية والتكنولوجية وغيرها من الإمكانات الأساسية الضرورية لتنفيذ المشروع كما يلزم دراسة الجدوى الاقتصادية من خلال خبرات محلية تعرف السوق المحلية في جميع الجوانب. يجب ألا تغيب عن صاحب أو مدير المشروع دراسة الواقع قبل اتخاذ القرار. دراسة المخاطر والفرص والقوة والضعف للمشروع أو ما يعرف بتحليل سوات «SWOT» ضروري لنجاحه. على صاحب المشروع أو مديره تقييم المخاطر والفرص المحيطة القريبة والبعيدة بشكل واقعي وعقلاني وعدم الاندفاع وراء الخيال أو التمنيات. قد تؤدي الواقعية المفرطة إلى الجمود أو التشاؤم إذا تحولت إلى قناعة بأن «لا شيء يمكن تغييره»، لكن العقلانية والدراسة المعلوماتية تساهم في القرار السليم.

مقاومة التغيير

تعني مقاومة التغيير الرفض النفسي أو الاجتماعي للتبدل أو المؤسسي، وغالبًا ما تنتج من الخوف من المجهول والغموض في عملية ونتائج التغيير والتضارب بين المصالح الخاصة والمصالح العامة للمؤسسة والمشروع. كما أن الراحة الجسدية والنفسية في الوضع القائم والمعروفة بمنطقة الأما. يلعب الشك في جدوى المنفعة من التغيير الجديد. للعادات والتقاليد دور في مقاومة التغيير. وقد تكون مقاومة التغيير غير الواقعي وغير المجدي مفيدة لحماية الموارد المتاحة من الاستغلال غير الواقعي وغير المجدي. وهذه المقاومة للتغيير إصلاحية رغم رغبة صاحب المشروع أو مديره. إذا استخدمت مقاومة التغيير لمنع التطور والإصلاح مبرراً فإنها مقاومة سلبية.

العلاقة بين الواقعية ومقاومة التغيير الواقعية

قد تُستخدم العلاقة بين الواقعية ومقاومة التغيير الواقعية مبررًا لمقاومة التغيير، مثل قول شخص «لن يتغير شيء، هذه هي طبيعة الحياة.»، لكن الفرق الجوهري هو أن الواقعية ترى الواقع كما هو لتتعامل معه بذكاء. ترفض مقاومة التغيير التعامل مع الواقع الجديد إما خوفًا أو جمودًا. إذن الواقعي الحقيقي لا يرفض التغيير، بل يقبل به عندما يكون منطقيًا ومدروسًا.

خلاصة:

الواقعية تساعد على إدارة التغيير بوعي بينما تؤدي مقاومة التغيير إلى العزلة والتخلف عن التطور والاستدامة.

 

نقلا عن اليوم