مشكلة وحلول المجاملة والمحاباة في الإنتاجية

05/11/2025 0
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

تواجه العديد من المؤسسات والشركات الخاصة والمساهمة مشكلة ضعف الأداء والإنتاجية بسبب سلوكيات سلبية منها المجاملة والمحاباة وما يرتبط بهما من علاقات اجتماعية سلبية قوية. يعتبر هذا تحديًا يتمثل في تأثير المحاباة والمجاملة على اتخاذ القرارات. تظهر المجاملة والمحاباة الاجتماعية في التأثير السلبي على الأداء العام لهذه الكيانات. الحقيقة تُعدّ عملية اتخاذ القرار أساسية في الإدارة الحديثة التي يفترض أنها مبنية على الشفافية والمصداقية والمصلحة العامة التي تُبنى عليها فاعلية الأداء وتحقيق الأهداف التنظيمية، لكنها في أحيان كثيرة تدخل فيها المصالح الشخصية، حيث تتعرض للتشويه نتيجةً لتدخل العوامل الشخصية والعاطفية مثل المحاباة والمجاملة، كذلك المحسوبية لاعتبارات شخصية. وهاتان الصفتان تُضعفان الموضوعية والعدالة في بيئة العمل.

المجاملة سلوك اجتماعي يقوم على إظهار اللطف واللباقة المصطنعة لتجنب الصراع أو للحصول على قبول الآخرين للشخص المجامل. لا بأس في ذلك السلوك عندما تُمارس المجاملة بحدود الأدب والاحترام والمنطق والعقل، لكن قد تتحول المجاملة إلى السلبية عندما تتحول إلى التملق الذي يعيق إبداء حقيقة شخصية الشخص المجامل. أما المحاباة فإنها منهج الأفضلية أو الامتيازات فرد على فرد أو أفراد محددين بناءً على قرابة أو مصالح شخصية لا علاقة لها بالكفاءة والتميز والجودة في العمل أو الأداء. وبالطبع تؤثر المجاملة والمحابة سلباً وكذلك المحسوبية لأن كل من جودة وكفاءة العمل في المؤسسات والشركات التنافسية تتأثر بالمجاملات والمحاباة. أيضاً تتأثر المنافسة بالمجاملة والمحاباة والمحسوبية لأنها ربما تستقصي الشخص المناسب الذي لا داعم له بسبب هذا السلوك السلبي بطبيعته. أما المنافسة فإنها سعي الأفراد أو فرق العمل لتحقيق أهدافهم أو إثبات تفوقهم في العمل على الشركات أو المؤسسات المنافسة. عادة تكون المنافسة صحية عندما تدفع المتنافسين نحو الإبداع والابتكار وتحسين الأداء من حيث الكمية والجودة والكفاءة الإنتاجية مقارنة بالمنافسين وذلك بأخلاقيات مهنية عالية من غير احتكار أو إساءة للمنافسين، لكنها تصبح سلبية عندما تتحول إلى صراع أو حسد أو إقصاء في السوق الاقتصادية المفترض فيها النزاهة.

تنخفض الموضوعية والمصداقية عندما يتأثر القرار بالعلاقات الشخصية بدلًا من المعايير المهنية العالية وبالتالي تُهمل الحقائق والبيانات الموضوعية التي يجب أن تكون أساس القرار الإداري والقيادي. اختيار غير الأكفاء بسبب المحاباة والمجاملة والمحسوبية يؤدي غالبًا إلى تعيين أو ترقية أشخاص أقل كفاءة، مما ينعكس سلبًا على أداء الشركة والمؤسسة من حيث جودة النتائج.

وينتج عن المجاملة والمحاباة ضعف الثقافة والثقة التنظيمية ما يشعر الأفراد في المنظمة بعدم العدالة، وبالتالي تضعف معنويات روح فريق العمل، وينخفض الولاء والالتزام والانتماء. إن من تبعات كبت الآراء الصادقة في بيئة يسودها التملق أو المجاملة يجعل الموظفين يترددون في طرح آرائهم الحقيقية خوفًا من التصادم مع المدير أو الزملاء النافذين. وينتج أيضاً عن المجاملة والمحابة والمحسوبية قرارات غير مدروسة أو متسرعة تدفع صانع القرار إلى الموافقة على اقتراحات غير مناسبة فقط لإرضاء الآخرين أو تجنب النزاع. أيضاً ينتج عن هذه المشكلة السلوكية إهدار الموارد المالية والتقنية والتكنولوجية عندما لا تُتخذ القرارات على أسس علمية وموضوعية، تهدر الأموال والوقت في مشاريع غير مجدية أو قرارات تصحيحية لاحقة. ينتج عن هذا السلوك في المدى البعيد تدهور الأداء والإنتاجية وانخفاض الابداع والابتكار وزيادة وتسارع الدوران الوظيفي المكلف.

الحلول المناسبة:

لا بد من التوظيف الموضوعي القائم على أسس موضوعية حسب ثقافة تنظيمية راسخة وشفافية عالية مع توفير نظام مساءلة مبنية على معايير دقيقة. بعض الشركات والمؤسسات تثبت العدالة المهنية في الرسالة والثقافة المؤسسية الخاصة بها.

 

نقلا عن صحيفة اليوم