تم مؤخرًا الكشف عن مشروعين حضاريين كبيرين يحملان اسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –حفظه الله–، واللذين يُعدّان من أهم المشروعات الوطنية الرمزية التي تجسّد مسيرة النهضة والتنمية التي تعيشها المملكة العربية السعودية.
المشروع الأول هو مشروع مطار الملك سلمان الدولي في مدينة الرياض، الذي أعلنت عنه شركة تطوير مطار الملك سلمان الدولي –إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة– عن هويته الرسمية، في خطوة تُشكِّل محطة فارقة في مسيرة تطوير أحد أكثر مشروعات الطيران طموحًا وتقدمًا على مستوى العالم.
وجاء إطلاق المشروع تحت شعار "رحلتك.. وجهتك"، ليعكس التزام المملكة بإعادة تعريف تجربة السفر النوعية المتطورة والحديثة عبر التركيز على الابتكار، والاستدامة، والتصميم الذي يضع احتياجات المسافرين في المقام الأول. كما أنه يُعد بوابة المستقبل إلى العاصمة الرياض، وأيضًا مشروعًا محوريًا في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 في مجال النقل والخدمات اللوجستية. كما وأعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله–، عن مشروع "بوابة الملك سلمان" في مكة المكرمة، والذي يمتد على مساحة تبلغ 12 مليون متر مربع بجوار المسجد الحرام.
يَهدف المشروع إلى تحقيق نقلة نوعية في تطوير البنية التحتية لمدينة مكة المكرمة والمنطقة المركزية، لتصبح نموذجًا عالميًا للتطوير العمراني، ومساهمًا رئيسًا في دعم الجهود الرامية إلى تسهيل الزيارة إلى بيت الله الحرام وتقديم خدمات عالية الجودة لقاصدي مكة المكرمة، بما يثري رحلتهم الدينية والثقافية، ويتماشى مع مستهدفات برنامج خدمة ضيوف الرحمن أحد برامج رؤية المملكة 2030.
دون أدنى شك، فإن هذين المشروعين العملاقين، إلى جانب حملهما لاسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –حفظه الله–، فإنهما يمثلان إضافة نوعية واستراتيجية للمملكة، لما لهما من دور محوري في الارتقاء بقطاعات النقل والخدمات اللوجستية والبنية التحتية، وتعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي رائد في مجالات التطوير والتنمية المستدامة.
فمشروع مطار الملك سلمان الدولي، يتميز بطاقته الاستيعابية الضخمة، إذ يستهدف استقبال 120 مليون مسافر سنويًا بحلول عام 2030 ليخدم مستهدف المملكة لاستقبال 330 مليون مسافر بحلول نهاية عام الرؤية، سيما وأنه يضم ستة مدارج موازية، إضافة إلى منطقة حضرية متكاملة تشمل مرافق سكنية وتجارية وسياحية، مما يجعله أحد أبرز مشروعات الطيران الطموحة على مستوى العالم، ورمزًا للتقدم والنهضة التي تشهدها المملكة في ظل رؤيتها الطموحة 2030.
وعلى الجانب الآخر، فإن "بوابة الملك سلمان" تتميز بموقعها الإستراتيجي الذي يقع بجوار المسجد الحرام، ويعد وجهة متعددة الاستخدامات تهدف في المقام الأول إلى الارتقاء بمنظومة الخدمات المقدّمة، وتوفير مرافق سكنية وثقافية وخدمية محيطة بالمسجد الحرام، كما يضيف المشروع طاقة استيعابية تتسع لما يقارب 900 ألف مصلٍ في المصليات الداخلية والساحات الخارجية.
كما أنه يرتبط بوسائل النقل العامة لتسهيل الوصول إلى المسجد الحرام، ويمثّل مزيجًا استثنائيًا متناغمًا بين الإرث المعماري الغني لمكة المكرمة مع أرقى أساليب الحياة العصرية، بما يضمن أعلى مستويات الراحة.
كما ويهدف المشروع إلى الحفاظ على الإرث التاريخي والثقافي لمدينة مكة المكرمة من خلال تطوير وإعادة تأهيل مساحة تقارب 19 ألف متر مربع من المناطق الثقافية والتراثية، لإثراء تجربة زائريها، وكذلك الإسهام في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 على صعيد التنويع الاقتصادي من خلال استحداث أكثر من 300 ألف فرصة عمل بحلول عام 2036.
أخلصُ القول، إن مشروع مطار الملك سلمان الدولي، عند اكتماله، سيُسهم في الارتقاء بجودة قطاع النقل، وبخاصة النقل الجوي وما يرتبط به من خدمات لوجستية، مما سيعزز من مكانة المملكة كمركز إقليمي وعالمي رائد في مجالات الطيران والخدمات الحديثة.
وفي المقابل، يُسهم مشروع بوابة الملك سلمان في مكة المكرمة في تحقيق نقلة نوعية في التطوير العمراني للمنطقة المحيطة بالمسجد الحرام، ليُصبح من أبرز النماذج العالمية في التنمية الحضرية المتكاملة. كما يُتوقَّع أن يحقق المشروع أثرًا إيجابيًا ملموسًا على السكان وضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين والزائرين، مع الحفاظ على النسيج الثقافي والهوية التاريخية لمكة المكرمة، في الوقت الذي تلتزم فيه الشركة المطوّرة باتباع أعلى المعايير والممارسات العالمية في التطوير العقاري لتوفير تجربة استثنائية ومستدامة.
وإضافة إلى ذلك، فإن المشروع سيسهم في تحقيق مستهدفات برنامج خدمة ضيوف الرحمن من خلال دعم الجهود الرامية إلى رفع الطاقة الاستيعابية لمكة المكرمة لتستقبل 30 مليون معتمر و5 ملايين حاج سنويًا بحلول عام 2030، عبر توفير بنية تحتية متكاملة تُسهِّل الحركة وتُثري التجربة الدينية والثقافية لضيوف الرحمن.
وبالعودة إلى مشروع مطار الملك سلمان الدولي، فإنه إلى جانب كونه سيُضفي بُعدًا جماليًا وحضاريًا على مدينة الرياض باعتباره مدخلها الجوي الرئيس، فإنه سيمثل نقطة تحول نوعية في مسيرة بناء المطارات في المملكة، من خلال التركيز على الابتكار، والبنية الرقمية المتقدمة، والتكامل مع مدينة الرياض، ليُصبح المطار ليس مجرد فقط بوابة عبور عابرة، بل وجهة متكاملة بحد ذاته.
كما ويتوقع للمطار الذي يمتد على مساحة تقارب 57 كيلومترًا مربعًا، ويتضمن قدرة شحن تصل إلى مليوني طن من البضائع سنويًا، أن يحول المطار إلى رافد اقتصادي ولوجستي رئيس للمملكة والمنطقة، لا سيما حين النظر إلى الأثر الاقتصادي المتوقع من حيث خلق الفرص الوظيفية وإضافة نحو 27 مليار ريال سعودي سنويًا إلى الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، في خطوة تعكس عمق الأثر الاقتصادي للمشروع ودعمه المباشر لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، بما في ذلك السياحة.
نقلا عن جريدة الرياض


