يشهد العالم في السنوات الأخيرة بروز مفهوم أرصدة الكربون كإحدى الأدوات الاقتصادية والاستثمارية الأكثر ابتكارًا في إطار التحول نحو التنمية المستدامة والالتزام بالحياد الصفري للانبعاثات. تقوم الفكرة على أن المشاريع التي تسهم في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة أو امتصاصها من الغلاف الجوي، مثل الطاقة المتجددة أو إعادة التشجير، يمكنها إصدار “رصيد كربوني” يمثل كمية محددة من الانبعاثات التي تم تجنّبها أو إزالتها. هذه الأرصدة باتت تُعامل كسلعة مالية قابلة للتداول في الأسواق المحلية والعالمية، مما يفتح الباب أمام فرص استثمارية جديدة لم تكن موجودة قبل عقد من الزمن.
وتشير البيانات الحديثة إلى أن حجم السوق الطوعي العالمي لأرصدة الكربون بلغ نحو 4.04 مليار دولار في عام 2024، مع توقعات ببلوغه قرابة 24 مليار دولار بحلول 2030 بمعدل نمو سنوي مركب يتجاوز 35٪، إلا أن السوق شهد بعض التحديات في 2023 عندما انخفض حجم التداول إلى نحو 723 مليون دولار، بعد تدقيق على مصداقية المشروعات، حيث أظهرت الدراسات أن نسبة من الأرصدة، خصوصًا في مجالات حماية الغابات، لم تكن فعالة بيئيًا.
من الناحية الاستثمارية، لم تعد أرصدة الكربون مجرد آلية بيئية بحتة، بل تحولت إلى فئة أصول ناشئة. المستثمرون اليوم ينظرون إليها كأداة تحوّط ضد التشريعات المناخية الصارمة، وكفرصة لتحقيق أرباح مع تزايد الطلب العالمي على خفض الانبعاثات. هناك صناديق متخصصة بدأت بالظهور لإدارة استثمارات الكربون، بعضها موجه للأسواق الطوعية حيث تشارك الشركات الساعية إلى تعزيز صورتها البيئية، وأخرى للأسواق التنظيمية حيث تُفرض قيود إلزامية على الانبعاثات.
كما أن إدماج أرصدة الكربون ضمن استراتيجيات الاستثمار المسؤول بيئيًا واجتماعيًا (ESG) جعلها أكثر جاذبية للمؤسسات المالية وصناديق التقاعد والمستثمرين السياديين. وتشهد الأسواق العالمية جهودًا تنظيمية مهمة مثل اعتماد مجلس النزاهة في سوق الكربون الطوعي ICVCM معايير لتقييم المشروعات، بالإضافة إلى تنظيم الاتحاد الأوروبي الجديد CRCF الذي يضع قواعد صارمة لمشاريع إزالة الكربون والزراعة الكربونية لضمان جودة الأرصدة، مع السماح باستخدام أرصدة دولية لتغطية نسبة محدودة من أهداف خفض الانبعاثات.
أما بالنسبة لمطوري المشاريع، فقد أصبحت أرصدة الكربون مصدر دخل إضافي يرفع الجدوى الاقتصادية لمبادرات الطاقة النظيفة أو إعادة التشجير. على سبيل المثال، مشروع للطاقة الشمسية لا يقتصر أثره على توفير الكهرباء النظيفة وخفض فاتورة الطاقة، بل يمكنه أيضًا إصدار أرصدة كربونية يتم بيعها لاحقًا لشركات تبحث عن موازنة انبعاثاتها. هذا التداخل بين الفائدة البيئية والعائد المالي يجعل الاستثمار في مشاريع الاستدامة أكثر إغراءً للمستثمرين.
تتعدد التطبيقات العملية لأسواق الكربون. ففي قطاع الطاقة، تعد مشاريع الطاقة المتجددة كالرياح والشمس والكتلة الحيوية من أبرز مصادر توليد الأرصدة، وتمثل نحو 39٪ من السوق الطوعي في 2024. وفي مجال إدارة النفايات، يمكن لمحطات تحويل المخلفات إلى طاقة أو مرافق احتجاز غاز الميثان في المكبات أن تخلق قيمة مالية من تقليل التلوث. الزراعة المستدامة بدورها تقدم فرصة مهمة، حيث يمكن لممارسات مثل الزراعة بدون حرث أو استخدام أساليب ري كفؤة أن تقلل من الانبعاثات وتؤهل المزارعين لإصدار أرصدة كربون تضيف لهم مصدر دخل جديد. أما إعادة التشجير وحماية الغابات، فهي تمثل أحد أكثر الحلول فعالية لإزالة الكربون من الجو، وتلقى دعمًا واسعًا في الأسواق الطوعية.
المنطقة العربية تملك فرصًا واعدة في هذا المجال، خصوصًا في ضوء استراتيجيات الطاقة المتجددة الطموحة في السعودية والإمارات ومصر والمغرب. فالمملكة العربية السعودية مثلًا أعلنت عن مبادرات كبرى لإعادة التشجير وزراعة مليارات الأشجار ضمن “مبادرة السعودية الخضراء”، وهي مبادرات يمكن أن تولّد أرصدة كربون ضخمة يتم استخدامها لتغطية الالتزامات البيئية المحلية أو لتصديرها إلى الأسواق العالمية.
كما بدأت الصناديق السيادية مثل صندوق الاستثمارات العامة في السعودية وشركة مبادلة في الإمارات باستكشاف فرص الاستثمار في هذه السوق الناشئة، لما تمثله من قيمة استراتيجية مزدوجة: تنويع الأصول المالية من جهة، وتعزيز التحول الأخضر من جهة أخرى.
من الجانب الاقتصادي، يمكن النظر إلى أسواق الكربون كأداة تساعد على إعادة توزيع الاستثمارات نحو أنشطة منخفضة الكربون، ما يخلق وظائف جديدة، ويعزز من تنافسية الاقتصاد الوطني في بيئة عالمية تتجه بقوة نحو سياسات الحياد الصفري. ورغم أن هذه الأسواق لا تزال في مرحلة النمو، فإنها مرشحة لتحقيق توسع كبير خلال السنوات القادمة مع دخول المزيد من الحكومات والكيانات المالية الكبرى إليها.
بالمحصلة، أرصدة الكربون لم تعد مجرد آلية لتعويض الانبعاثات، بل أصبحت وسيلة لابتكار نماذج اقتصادية واستثمارية جديدة. نجاح الدول والشركات في الاستفادة من هذه الأداة سيتوقف على قدرتها على بناء أطر تشريعية واضحة، وتطوير مشاريع نوعية، وخلق منصات تداول شفافة وفعالة. وهنا تكمن الفرصة للمنطقة العربية لتكون لاعبًا رئيسيًا في هذه السوق العالمية الناشئة، ليس فقط كمنتج للنفط والغاز، بل أيضًا كمصدر لحلول بيئية مبتكرة وأسواق استثمارية خضراء.
خاص_الفابيتا
وظفوا قروشكم بشي مفيد لا بكلام فارغ وشي مستنزف ومستهلك .. ابراء ذمة من الدنيا وما فيها ، وبكل ثقة وقوة أقول فتّحوا عيونكم على طرق الاستثمار المختلفة ، دعكم من بيت العنكبوت (سوقنا) واستثمارات القطيع.. هناك قلة من الشركات والبنوك الاستثمارية في الامارات متميزة جدًا اعادت تعريف قواعد اللعبة وفيها فوايد كبيرة ما يدري عنها الكثير .. افضلها بنك تجارة كابيتال وحساب الاستثمار بالوكالة عندهم رهيييب ... على مدى السنوات فشلت في كل شيء حتى لقيتهم فاتحين يدينهم بتجاوب ممتاز ومصداقية عالية ، يستشرفون المستقبل ويستثمرون بعبقرية وانتقاء لاسهم الشركات الناشئة والنتيجة عوائد وارباح مجزية جدا مضمونة ومستدامة وما رزقني ربي الرزق الكبير الا منهم فلله الحمد والمنة . خذوها مني وانا اخوكم ان معظم الناس يخافون الحسد لا يذكرون الحقيقة بالنسبة لمداخيل الرزق بل يناظرون انها نتيجة تعب ومواهب وكفاءات !! اتركوكم من راعين السوالف والله انا نادم على سنوات الخسائر اللي ضاعت وللأسف كنت اصدقهم .. الرزق من الله، ولكن أسأل الله البركة في الرزق وانا احلف ان اللي أقوله هو زكاة للنعمة والارباح اللي احققها من 2021 بفضل من الله عز وجل وقلبي يعتصر الماً على الكثيرين اللي يدابكون ويركضون بدون فايدة خاصّةً من يعانون من ضيق الحال. الله يرزق الجميع من واسع فضله وكريم عطاياه ..