هل حققت زيادة أيام العام الدراسي أهدافها؟

22/06/2025 1
محمد العنقري

تطوير التعليم العام حالة مستدامة لا تتوقف، وقد شهدت في آخر خمسة أعوام تحديثات عديدة للانتقال نحو تعليم عام أكثر فاعلية وجودة في مخرجات التعليم، ومن بين عمليات التطوير تغيير بالمناهج وزيادة بالمواد وغالبها في العلوم التي بالنهاية ترفع من معرفة الطلاب بالعلوم ليكونوا جاهزين للتخصصات الجامعية الحديثة والمتخصصة بشكل دقيق، فقد انتهى زمن التعليم العالي التقليدي وأصبح كل تخصص رئيسي يندرج تحته تخصصات دقيقة عديدة يتجه لها الطلبة مباشرة مما يعزز من معرفتهم التخصصية ليكونوا جاهزين لسوق العمل، وكذلك التحولات الاقتصادية الكبيرة منذ انطلاق رؤية 2030، ولاستكمال دعم تطوير مخرجات التعليم كان لابد من زيادة عدد أيام الدراسة والتي ارتفعت إلى 183 يوما بعد أن كانت أقل من ذلك بكثير، ويعد ذلك عاملا مهما حتى تنجح خطط الزيادة المعرفية للطلاب ولا خلاف عليه إذ إن أغلب الدول المتقدمة بالتعليم يبلغ عدد أيام الدراسة فيها أرقاما كبيرة بعضها يناهز 200 يوم بالعام الدراسي.

لكن مع ظهور بعض الإحصاءات التي نشرت قبل فترة ليست بعيدة، ذكرت بأن نسبة استمتاع الطلاب بالمدارس تقارب 98 بالمائة وأيضا ذات النسبة لمعرفة أهالي الطلاب بماذا يتعلم أبناؤهم، وقد ظهرت تساؤلات حول هذه الإحصاءات إذا قورنت بإحصائيات من برنامج التقييم الدولي للطلاب (PISA ) لعام 2022.

وكذلك منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) لم تصل فيها أي دولة لمثل هذه النسب، بل حتى الدول التي تعد الأولى عالمياً في قطاع التعليم النسب فيها لا تتعدى 80 بالمائة مما يثير التساؤل حول المعايير المتبعة في بناء هذه الإحصائيات، خصوصاً أن هناك حديثا يمكن الأخذ به من المجتمع حول حالات الغياب للطلاب التي ترتفع قبل الإجازات خلال العام الدراسي أو قبل الاختبارات الفصلية والنهائية، أو قبل الإجازات المطولة كالأعياد، فقد تكون البيانات حول الحضور للطلاب في مثل هذه الأوقات التي يقال إن الغياب يزيد فيها ليست دقيقة مما يؤثر على دقة الإحصاءات؛ مما يتطلب البحث أكثر للوصول لبيانات دقيقة مع تطوير بآليات الرقابة والتقييم على الحضور والانصراف، وكذلك مدى معرفة الأهالي بما يتعلم أبناؤهم من خلال طرق تواصل ومنصات تتيح المجال لجمع بيانات الأهالي حول رأيهم بما يتعلم أبناؤهم، وهل فعلا لديهم تواصل واسع مع المدرسة ؟!

أما في جانب عدد أيام الدراسة الحالي فهناك حاجة حقيقية لمعرفة العدد الفعلي المنفذ بالعملية التعليمية ومعرفة حجم ونسب الغياب وأسبابه ومدى تطابق خطط التعليم مع أيام الدراسة المعتمدة، يضاف لذلك إعادة النظر بما تم مؤخراً من إرجاء جزء من الاختبارات لما بعد اجازة عيد الأضحى، وهل فعلا كان ذلك مجدياً؟

فمنطقيا كان يمكن إنهاء العام الدراسي قبل العيد كما أن إقرار أن يكون الاختبار بيوم دراسي كامل رغم المناهج تم الانتهاء من تدريسها ودخل الطلاب مرحلة الاختبارات مما يعني أن لا مبرر لبقاء الطلاب في المدرسة، فماذا سيضيف لهم المدرسون وما هي الفائدة من بقائهم في المدارس في أجواء حارة ترفع تكاليف تشغيل المدارس واستهلاك الكهرباء فيها دون حاجة فعلية، فقد اقترحت وزارة التعليم حسب ما نشر عن كيفية تعبئة اليوم الدراسي الذي يكون فيه الاختبار النهائي « بعد أداء اختبار لمادة غير مركزية، تنفذ المدرسة جدولًا يشمل على تقويمات وخطط إثرائية وعلاجية (فردية وجماعية) لجميع الطلبة خلال اليوم الدراسي، وذلك في المواد المتبقية، ويستثنى منها المادة المختبرة في هذا اليوم».

وهذا مثال حيث كان اقتراح وزارة التعليم مفصل لكل يوم من أيام الدراسة المتبقية، فهل فعلا هناك التزام بما تم اقتراحه، وهل هو يجدي ويحقق فائدة مميزة في التعليم، إذاً ماذا عن بقية العام الدراسي؟! وهل ما قدم فيه غير كاف حتى توضع خطة للأيام الأخيرة ، فلا يمكن تحقيق منافع في أيام نهائية من عام دراسي طويل وفترة اختبارات يحتاج فيها الطالب ليعود لمنزله حتى يبدأ التحضير للاختبار التالي بينما يعطى المدرسين الفرصة لتصحيح أوراق الاختبار ورصد الدرجات، فهل ما قاموا به طوال العام من شرح المناهج للطلاب غير كاف حتى يكلفوا أيضا بأعمال مشابهة في فترة الاختبارات النهائية ؟!

التعليم قطاع ضخم ومتشعب المهام والمسؤوليات ويمس كل فرد بالمجتمع وتبذل الوزارة جهداً كبيراً للرقي بالعملية التعليمية، ومن المهم أن يكون هناك مراجعة لبعض القرارات التي عمل بها هذا العام لمعرفة مدى فائدتها وجدواها والالتزام بها، إضافة لتقييم دقيق لعدد أيام الدراسة ومعرفة المنفذ فعليا منها آخر عامين دراسيين، أي بعد العودة الكاملة من جائحة كورونا وكم تبلغ نسبة الأيام التي يغيب بها الطلاب بشكل جماعي وأسباب ذلك، وكيف يعاد وضع خطط التعليم بما يحقق الفائدة من زيادة أيام الدراسة في الأعوام القادمة.

 

 

نقلا عن الجزيرة