مشرط الجراح

11/05/2025 0
علي المزيد

عندما تتذبذب أسواق الأسهم تثار أسئلة كثيرة من البعض: ماذا نعمل؟ ثم يبدأ الحديث عن خطورة أسواق الأسهم، وأنها مصدر الخسائر وتآكل رأس المال! في المقابل حينما تكون أسواق الأسهم صاعدة والجميع يربح تتلاشى هذه الأسئلة، وتبدأ المغامرات، وكلٌّ يتحدث عن نجاحه وتحقيق الأرباح.

قبل أن أُجيب عن هذه الأسئلة، دعوني أصنف المتعاملين في السوق، الفئة الأولى: فئة المستثمرين طويلي الأمد، وهؤلاء ينقسمون إلى قسمين، القسم الأول من يهتمون بالحفاظ على كرسي الإدارة، وهؤلاء لا يبيعون أسهمهم إلا نادراً وفي ظروف محددة، مثل ارتفاع جنوني للسهم الذي يحملونه، أو توقع انخفاض حاد للسهم، لذلك يبيعون وهم في كلتا الحالتين يعودون لتعويض ما باعوه بغية الحفاظ على إدارة دفة الشركة، سواء من خلال مجلس الإدارة أو من خلال الإدارة التنفيذية، أما القسم الثاني من المستثمرين طويلي الأمد فهم مَن يبحثون عن الربح عن طريقين، الأول الأرباح الموزعة، أما الطريق الثاني فهو التعاظم السعري للسهم في السوق، وهؤلاء غالباً ما يختارون أسهم شركات قوية، ومثل هؤلاء يستثمرون بأنفسهم إذا كانت لديهم دراية، أو يبحثون عن بيوت خبرة تستثمر لهم، وهؤلاء لا يستثمرون عشوائياً بل يختارون الأسهم بعناية، ولديهم أهداف محددة إذا بلغوها باعوا أسهمهم، كما أنهم يراقبون الشركات وأداءها، فإذا مثلاً تغيرت الإدارة إلى إدارة لا يثقون بأدائها باعوا أسهمهم، وإذا أحسوا بأن نشاط الشركة قابل للتعثر باعوا أسهمهم.

أي أن مشرط الجراح بأيديهم لم يتركوه، بل يراقبون السوق بدقة، وفي حالة بيع سهم معين يذهبون لشراء سهم آخر يتوقعون نموه، وفي حالة عدم تمكنهم من رصد حركة السوق أو ما يُسمى «عدم اليقين» فإنهم يحتفظون بالنقد حتى يتضح لهم اتجاه السوق... هل هي صاعدة أم هابطة؟ ثم يقررون، ففي حالة توقع الصعود يشترون، وفي حالة توقع الهبوط يبيعون.

ثم نأتي للفئة الثانية، وهم فئة المضاربين، وهؤلاء إما يتبعون حركة كبار المضاربين، أو يعتمدون على التحليل الفني للأسهم، وغالباً ما يتعاملون مع أسهم الشركات صغيرة رأس المال لقلة عدد أسهمها، ما يمكنهم من التحكم في السعر ولو مؤقتاً.

الفئة الثالثة، وهي فئة تجهل في السوق، ولكنها تملك وفرًا ماليًا معينًا مخصصًا مثلاً لشراء سيارة أو منزل، فتقرر الدخول للسوق مؤقتاً بغية الحصول على الربح ثم الخروج منه، وقد يتحقق ذلك، وربما يَمْنَوْنَ بخسائر فادحة، وهؤلاء أنصحهم بعدم الدخول في السوق، وحفظ النقد للحصول على أهدافهم سواء بشراء منزل أو سيارة.

الفئة الرابعة، فئة تستخدم السوق قناة ادخار، وهؤلاء يقتطعون جزءاً من دخلهم الشهري ويشترون أسهمًا منتقاة وبأعداد قليلة، نظراً لقلة المدخر من دخولهم، وهؤلاء قد يحققون نجاحاً باهراً إذا أحسنوا اختيار الأسهم.

لذلك نجد المستثمرين الناجحين لا يغفلون عن السوق، ويتابعونها متابعة جيدة، ويغيرون أوزانهم من سهم لآخر وفقاً لمستجدات أخبار الشركة والأخبار العامة ذات التأثير المباشر على السوق. ودمتم.

 

 

نقلا عن الشرق الأوسط