قد يتبادر للذهن أن هذا المفهوم عبارة عن فكره إيجابية بشكل دائم دون النظر الى التحديات التي قد تواجه هذا التوجه، لكون هذا المفهوم حديثاً الي حد ما ومحدود في تداوله، وقد تختلف المسميات لظاهرة التفكير الجماعي أو كما يسمى بمعنى أخر عقلية القطيع أو الامتثال الفكري، كما يعرف باللغة الإنجليزية (Group thinking)حيث ينطبق المصطلح على كثير من السلوكيات والنقاشات على كافة المستويات ولكن سيتم تسليط الضوء على بيئة مجالس الإدارة واللجان المنبثقة منها لدورها الاستراتيجي في منظومة الشركة والاشراف عليها، التوجيه، تمثيل المساهمين ومدى ارتباط المجلس بمفهوم الحوكمة وتأثير هذه الظاهر على بيئة الشركات، حيث يعد هذا المصطلح بأنه ظاهرة نفسية يسعى فيها الافراد (أعضاء المجلس) الى التوافق داخل المجموعة (المجلس) بحيث يتخلى الأعضاء عن معتقداتهم، آرائهم الشخصية و يتبنون اراء بقية المجموعة دون ابراز أي أثر لخبراتهم وآرائهم أو وجهة نظرهم حيال ما يتم مناقشته في مجلس الإدارة ودون التفكير النقدي و تقييم للعواقب و البدائل وإعطاء الأولوية للإجماع دون التقييم الواقعي للوضع بمعنى أنه نمط فكري يتميز بخداع الذات والإجبار على الموافقة مع فكر الجماعة دون النظر الى الاستقلالية الفكرية وخشية اضعاف الانسجام بين الأعضاء والتوافق.
على الرغم من مرور ما يقارب خمسون عام من ظهور نظرية التفكير الجماعي من قبل عالم النفس الاجتماعي (Irving Janis) من خلال كتابة ضحايا التفكير الجماعي في عام 1972م لمعرفة وتقييم أسواء القرارات أو الإخفاقات خلال فترة زمني محددة وأثر تلك النظرية عليها وما تبعتها من دراسات تحليله لبعض الازمات الاقتصادية أو السياسية التي يعد التفكير الجماعي أحد اسبابها.
ولفهم الأمر بشكل أوضح، تذكر أخر مره كنت جزءً من مجموعة خلال مشروع جامعي او مشروع عمل أو غيرها... وقام أحدهم بطرح فكرة غير مجدية، سيئة أو غير فعالة... ومع ذلك يتفق جميع أفراد المجموعة مع صاحب الفكرة والعمل بها.
هل تعبر عن معارضتك لتلك الفكرة أم توافق مع رأي الأغلبية؟ وعلى مستوى مجلس الإدارة عندما يتم طرح قرارات حاسمة مثل إستراتيجية جديدة، تغيير في هيكل الشركة، اختيار رئيس تنفيذي جديد، عملية استحواذ، شراء أنظمة أو غيرها فان التفكير الجماعي يمثل خطر يهدد الشركة ومستقبلها.
في كثير من الأحيان ينتهي الامر بالانخراط في التفكير الجماعي عندما يخشون أن اعتراضهم قد تؤدي الى تعطيل الانسجام للمجموعة وصولا الى الشكوك في أن أفكارهم قد تتسبب في رفض الأعضاء الاخرين لها، كما أن التفكير الجماعي ليس دائما مشكلة، ولكنة قد يؤدي الى ضعف حل المشكلة أو عدم اتخاذ القرار الاكفاء واختيار البديل المناسب.
كما يقول الجنرال (George Patton)"إذا كان الجميع يُفكرون بنفس الطريقة، فهذا يعني أن هناك من لا يُفكر !!". الجدير بالذكر أن عدد من الدراسات مؤخراً ذكرت أن التفكير الجماعي أسهم في فضائح عدد من الشركات في الفترة السابقة مثل إنرون وورلدكوم وتوشيبا والازمة المالية في 2008م كلها إشارة الى أوجه القصور في عمل مجلس الإدارة ومدى انطباق ظاهرة التفكير الجماعي في تلك المرحلة وتأثيره على الحوكمة ومساهمته في اضعاف عمل الحوكمة في المجلس والشركة.
لذا تعتمد كفاءة وفعالية مجلس الادارة على درجة التنوع وسياسة ومعايير الترشح، لذا وضعت اللوائح، التعليمات والمعايير من أجل تخفيف أثر التفكير الجماعي داخل مجلس الإدارة والتي يصعب التخلص منها بسن تلك اللوائح فقط بل لابد من وجود وعي كافي من قبل أعضاء المجلس ورئيس المجلس في تفادي تلك الظاهر ومراجعة فعالية المجلس بشكل دوري لتعزيز آلية اتخاذ القرار، بناءً على ذلك يمكن القول أن أهمية تنوع أعضاء مجلس الإدارة في الخلفيات والسمات كالفكر، الجنس، المهارات والخبرات في مجالس الإدارة وتعزيز الأعضاء المستقلين في المجلس واللجان أمر من المهم الانتباه له، كما أن فصل مهام الرئيس التنفيذي عن مهام رئيس مجلس الإدارة مع أهمية مشاركة الرئيس التنفيذي كعضو تنفيذي في المجلس مما يعزز المشاركة والمسؤولية في أعمال الشركة ويحسن آلية اتخاذ القرارات وزيادة الكفاءة لمجلس الإدارة.
خاص_الفابيتا