احتفل العشاق بيوم الحب، باعتباره أحد الأيام الهامة الرمزية للمحبين عالميا وما بين رفض وقبول وشغف واستهجان وبالرغم من انقسام الرأي حول رمزية هذا اليوم فإن الشركات وجدت فيه كبش ثمين لتمسك به وتروج له كأحد الأساسيات الرمزية للحب فلهذا دائرة عريضة من الأنشطة المتفاعلة المستفيدة منه خصوصا وأنه صمم ليعبر فيه الرجل بحبه لشريكته أكثر من أن يكون العكس، وهذا شيء من الممكن تصوره نظرا لطبيعة مقتنيات النساء ومشترياتهم تبدأ من الورود وتنتهي في متاجر المجوهرات والقطع الفاخرة الثمينة، إذن لماذا لا تتمسك الجهات التجارية في الترويج له؟ لكل جانب في الحياة زاوية اقتصادية إما تعزز المردود الاقتصادي أو تخفضه ومثل هذه المناسبات تعزز المبيعات والانفاق الاستهلاكي لدى الأفراد، على سبيل المثال يصدر الأمريكيين والأوربيين مؤشر سنوي يقيس مقدار متوسط السلع المشتراة خلال الاحتفال بعيد الحب ليسترشد به على الحالة الاقتصادية للأفراد وكذلك المزاج العام للمشتريات بأنواعها، بحسب احصائيات متعددة ينفق العالم على عيد الحب ما يزيد على 25 مليار دولار وهذا الرقم يتذبذب بتغير الحالة العامة للأفراد فهو مرتبط بالحالة الفردية للأشخاص.
إن صناعة الأحداث بحد ذاتها عبقرية للغاية تخلق من العدم ما يمكن تحويله إلى طاقة اقتصادية ضخمه، وهو ما أبدعت فيه الشركة والعالم من سنوات طويلة والأمثلة على ذلك كثيرة وقد يكون أحدثها يوم العزاب، الذي لم ينشأ إلا في العام 1993 في أحد الجامعات الصينية عبر تجمع أقرب ما يوصف بأنه تجمع طلابي اعتيادي استغله موقع علي بابا في الترويج لمنتجاته واعتماد التاريخ 11 كيوم عالمي للعزاب ليدخل يوم العزاب في دائرة الأرقام القياسية لهذه الأحداث المصممة والمبتكرة لتستمر القفزات التاريخية لمبيعات يوم العزاب من 8 مليون دولار في سنته الأولى ليتجاوز 120 مليار في يوم العزاب 2023 ليكون بذلك أعلى يوم من حيث المبيعات لحدث صمم لهذا الغرض، أيضا من المناسبات المصممة، التي وجت رواجا كبيرا الجمعة السوداء التي تقترب مبيعاتها من 80 مليار دولار وكذلك يوم الأم ويوم الأب لكل منها مبيعات تتجاوز 20 مليار دولار.
رغم من تفاوت النظرة الثقافية والدينية والمجتمعية لهذه الأحداث فإنها سوق تجد فيه متاجر السلع نافذة عظيمة للترويج لمنتجاتها ولتوسيع دائرة النظر للنظر إلى كأس العالم الذي بدأ بنسخة مبسطة لما تحظى باهتمام ما لا يزيد على 500 ألف متفرج قبل أن تقفز مع مرور الوقت وترسيخ الفكرة إلى مليارات المشاهدات ومليارات الدولارات من الإيرادات ومبيعات المنتجات. تشبه قصة اقتناص الفرص قصة كوكا كولا وسانتا كلوس ففي الأساس التاريخي سانتا كلوس قصة أسطورية ترتبط بأعياد الميلاد كتبت عنه قصيدة تصفه في القرن التاسع عشر الميلادي لتلتقط شركة كوكا كولا أوصاف القصيدة وتقدم إلى العالم سانتا كلوز بصورته الشهيرة الآن من ذلك الوقت فأصبح سانتا بألوان الكولا. في عالمنا الإسلامي ينفق المسلمين في عيدي الفطر والأضحى ما يتجاوز 50 مليار دولار سنويات للتهيئة لاستقبال الأعياد.
لكل جانب في الحياة زاويته الاقتصادية وفي كل نظرة يحدث يقتنص يعزز من المردود الاقتصادي لتلك الأحداث وهذا ما يزيد على جاذبية تكريس هذه الأحداث كجزء من الرزنامة السنوية للعالم.
نقلا عن الاقتصادية