نموذج مهم

18/02/2025 0
علي المزيد

تحدَّثتُ في مقال الأسبوع الماضي عن ضرورة التكامل الاقتصادي العربي، وأنه سبيل الدول العربية لتكوين اقتصاد إقليمي قوي قد يصل للعالمية يوماً ما، ذلك أن العالم العربي يمتد على رقعة واسعة في قارتي آسيا وأفريقيا، وهناك ثروات متنوعة في العالم العربي؛ منها الثروات الطبيعية، فهناك بلدان غنية بالنفط، وأخرى غنية بالمياه، لذلك يمكن استغلال هاتين الميزتين عبر التكامل في إنشاء زراعة متقدمة تغني العالم العربي عن استيراد جزء من غذائه، بالإضافة إلى العنصر البشري الذي لو عُلِّم ودُرِّب لأصبح من أهم موارد الدول العربية؛ فالعنصر البشري إذا أُحسن إعداده وتعليمه وعمل خارج قُطره أصبح عاملاً مهماً في تحويل العملة الصعبة لبلاده، وإذا عمل في داخل بلاده أصبح أداؤه تطويراً، أي أن البشر رأسمال مهم إذا أُحسن الاستفادة منه، ولكن للأسف رأسمال مهدر في عالمنا العربي.

ولكن الأمور لا تقود إلى التشاؤم، فدائماً هناك أمل يقود للتفاؤل، فها هو المهندس المصري أحمد شعبان الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «سيمبلكس (simplex)» المتخصصة في صنع الآلات الرقمية (CNC) يحصل على تمويل سعودي بقيمة 48.7 مليون ريال (13 مليون دولار) لإنشاء مصنع جديد في السعودية، هذا التكامل بين المهندس المصري ورأس المال السعودي سيقود إلى إنشاء مصنع في السعودية سيُصدِّر إلى دول الإقليم العربية وإلى الهند.

هذا نموذج مهم، ويجب أن يتطور لنستقطب الكفاءات في العالم العربي بدلاً من أن تهاجر إلى خارج الإقليم ويستفيد منها غيرنا؛ سيقول قائل: لماذا تهتم بهذا الاستثمار البسيط وتغفل استثمارات عربية أكبر منه قيمةً ماليةً؟، المشاريع العربية الكبرى تتم بين حكومات في الغالب بدافع الحاجة وليس القناعة، مثل مشاريع الربط الكهربائي، التي دفعت إليها حاجة بعض البلدان العربية للطاقة الكهربائية.

بينما مشروع المهندس أحمد شعبان تم بين شركة خاصة مصرية، وتمويل سعودي مقتنع بجدوى الشركة، لذلك فأحمد شعبان وشراكته نموذج يحتذى لمَن يعمل بجد ودون يأس، وهذا النموذج، على بساطة تمويله مع التأكيد على أهمية منتجه، قد يقود إلى شراكات عربية أخرى إذا كُتب له النجاح.

المطلوب مرونة في التشريعات العربية القُطرية لتسهيل تدفق رؤوس الأموال، وكذلك رفع القيود على خروجها، مع تشريعات تحمي الاستثمارات العربية لنكوِّنَ شراكات عربية ناجحة تبحث عن الاستثمارات المربحة وغير الخائفة من تبدل التشريعات التي تجعل استثماراتها في مهب الريح، فكلما طورنا الاستثمارات المشتركة استفدنا من الميزات، سواء كانت القدرات المالية أو القدرات البشرية، وفتحنا فرصاً وظيفية وفرصاً لنقل المعرفة وتطويرها، فلدينا قدرات عربية تستحق الدعم بكل السبل، وعلينا ألا نتأخر في ذلك، فقطار التقدم العالمي أصبح سريعاً وعلينا اللحاق به دون تأخير. ودمتم.

 

 

نقلا عن الشرق الأوسط