إقليمنا العربي للأسف لم يمر عليه عقد من الزمان وهو في راحة، فهو إقليم على فوهة بركان، وإقليم قابل للاشتعال لأتفه سبب، ويبدو أن الإقليم يخوض حروباً غير متكافئة؛ لذلك تجد العرب هم الخاسرين في كل حرب، وإذا استبعدنا الحروب الرئيسية، مثل الحروب الثلاث مع إسرائيل، وحرب العراق - إيران، وحرب غزو الكويت وتحريرها، فإن المناوشات الإقليمية كثيرة، لدرجة أنك لا تعرف من أين تبدأ، فهل نبدأ من أحداث «قفصة»، والاعتداء الليبي على تونس في زمن معمر القذافي؟ أم نبدأ من الاعتداء الليبي على الحدود المصرية؟ أم نذهب بعيداً لأحداث «أيلول الأسود» التي نشبت بين الفلسطينيين والجيش الأردني؟ أم إلى انتقال منظمة «التحرير» إلى لبنان، الذي أدّى إلى سيطرة أمنية للفصائل الفلسطينية، لنتفاجأ باجتياح إسرائيل للبنان، ووصولها إلى بيروت؟ ولن أكمل السرد، فالقائمة تطول من تدخل القوات السورية في لبنان، ونشوء «حزب الله» وحرب 2006، ثم تدخل الحزب في حرب 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وقس على ذلك، وقد اخترت عينة من الحروب فقط، ثم تأتي الأزمات الدبلوماسية التي لا حصر لها بين الدول العربية بعضها البعض، وبين الدول العربية وجيرانها من غير العرب.
المُهم أنه إقليم لم يعرف الراحة فهل زعماؤه متهورون؟! أم تنقصهم الحكمة؟! أم أن تقديراتهم السياسية خاطئة لذلك أدخلوا الإقليم في حروب خاسرة وأزمات سياسية لا طائل منها؟!
هذا التهور السياسي أدخلنا في حروب نحن في غنى عنها، وضيّع علينا فرصاً للسلام رفضناها منذ قرار التقسيم، وكان ذلك على حساب الشعوب التي كان قادتها يصيحون بأعلى أصواتهم: «لا صوت يعلو على صوت المعركة»، وفي كل مرة يردد هذا الشعار نفقد مزيداً من الأرض!
أليس من الأفضل لو تفرّغ القادة لمصلحة شعوبهم وازدهار اقتصادهم ورخاء مجتمعاتهم، بدلاً من التهور السياسي الذي لا فائدة منه.
فلو انصرفنا إلى التنمية والتعليم ومكافحة الفساد، لتطوّر اقتصادنا ونما بشكل يفوق الوصف، بحكم أنه اقتصاد بكر مع الأسف، ومع ذلك نرى الدول ينمو اقتصادها بمعدلات سنوية متزايدة، بينما في الدول العربية نمو الاقتصاد السنوي متراجع، وفي أحسن الحالات في حالة ثبات، طبعاً هذا إذا كانت الإحصائيات الصادرة عن الدول العربية غير «ممكيجة»، ألم أقل لكم إن إقليمنا أنهكته الحروب! ودمتم.
نقلا عن الشرق الأوسط