في ظل تنامي التوجه العالمي نحو الاستثمار في الأدوات المالية ذات التأثير الاجتماعي، تبرز الصكوك الاجتماعية كوسيلة فعّالة لتمكين منظمات القطاع الوقفي وغير الربحي. فهي تقدم حلاً مبتكراً لمواجهة تحديات التمويل التقليدي، عبر توفير مصادر تمويل مرنة ومستدامة تساعد في تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية بتكلفة منخفضة وعوائد مجزية، تُمثل الصكوك الاجتماعية أدوات مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، يتم إصدارها لتمويل مشروعات ذات عائد اجتماعي مثل التعليم، الصحة، وتمكين الفئات المهمشة. تتميز هذه الصكوك بجاذبيتها للمستثمرين الباحثين عن عوائد مالية مع تحقيق أثر إيجابي على المجتمع.
الفرق بين الصكوك الاجتماعية والتمويل التقليدي:
§ التأثير الاجتماعي: بخلاف التمويل التقليدي الذي يركز على العائد المالي فقط، تهدف الصكوك الاجتماعية إلى تحقيق عوائد مزدوجة (مالية واجتماعية).
§ التكاليف المخفضة: تعتمد الصكوك على عوائد مستدامة منخفضة نسبياً، مما يقلل من تكلفة التمويل مقارنة بالقروض البنكية.
§ المطابقة الشرعية: تُصمم الصكوك لتكون متوافقة مع الأحكام الإسلامية، مما يجعلها أكثر قبولاً في المجتمعات الإسلامية.
أهداف الصكوك الاجتماعية:
§ تمويل المشروعات الاجتماعية لمنظمات القطاع غير الربحي: خاصة تلك التي تُعالج قضايا الفقر، البطالة، والتعليم.
§ تنويع مصادر تمويل القطاع غير الربحي: تقليل الاعتماد على المساعدات الحكومية والتبرعات.
§ تحفيز الابتكار الاجتماعي: تشجيع الجمعيات الوقفية وغير الربحية على تبني مشاريع مستدامة.
§ تعزيز الشراكات: بين القطاعين العام والخاص وغير الربحي لتحقيق التنمية الشاملة.
آلية تحقيق الاستدامة المالية من خلال الصكوك:
· خفض تكلفة التمويل: بفضل العوائد المعتدلة التي يطلبها المستثمرون في الصكوك الاجتماعية مقارنة بالقروض البنكية.
· توفير تمويل طويل الأجل: ما يدعم تنفيذ مشروعات كبرى قد تحتاج إلى وقت أطول للنمو وتحقيق الأثر المطلوب.
· تعزيز الشراكات: بين منظمات القطاع غير الربحي والمستثمرين من خلال الصكوك كأداة تمويلية مشتركة.
· قياس الأثر الاجتماعي: تتيح الصكوك آليات واضحة لقياس الأثر الاجتماعي والاقتصادي للمشروعات الممولة.
الخطوات اللازمة لتفعيل الصكوك الاجتماعية:
· تحديد المشاريع المناسبة: المشاريع ذات الأولوية والأثر الاجتماعي العالي.
· تصميم الآليات المالية: تطوير صكوك بتكاليف تنافسية وعوائد مستدامة.
· الشراكات الاستراتيجية: التعاون مع البنوك الإسلامية، المستثمرين، والجهات الحكومية.
· التوعية المجتمعية: نشر الوعي بأهمية الصكوك الاجتماعية كأداة للاستثمار الاجتماعي.
الصكوك الاجتماعية والاستدامة المالية ورؤية 2030:
تمثل الصكوك الاجتماعية جسراً بين تحقيق الاستدامة المالية وتعزيز الأثر الاجتماعي، وهي أداة فاعلة لتحقيق رؤية المملكة 2030 التي تستهدف زيادة مساهمة القطاع غير الربحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 5%، في حين أن النسبة المحققة حالياً لا تتجاوز 1.5%.، حيث تُعد الصكوك الاجتماعية ضرورة ملحة لدعم الأنشطة الاستثمارية وتمويل منظمات القطاع غير الربحي، مما يسهم بشكل كبير في تعزيز الاستدامة المالية لهذه المنظمات وزيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني.
كما يعزز هذا التوجه من مفهوم الاستدامة المالية للقطاع غير الربحي، الذي يهدف بشكل أساسي إلى تقليل الاعتماد على المصادر غير المنتظمة مثل التبرعات والإعانات الحكومية، والتحول إلى مصادر دخل أكثر استقراراً ومنتظمة مثل عوائد الاستثمارات وإيرادات تقديم الخدمات. وفي هذا السياق، تُعد الصكوك الاجتماعية الخيار الأمثل لتحقيق هذا التحول، مما يعزز القدرة على التخطيط طويل الأجل وتنفيذ المشاريع الكبرى.
ولتحقيق أقصى استفادة من هذه الأداة المالية المبتكرة، ينبغي على منظمات القطاع غير الربحي، والجهات المعنية به، التعاون مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص لتطوير نماذج مالية مستدامة تستفيد من الصكوك الاجتماعية.
خاص_الفابيتا