يشهد قطاع الأوقاف تطوراً ملحوظاً مع تزايد الاعتماد على أدوات مالية مبتكرة لتحقيق الاستدامة المالية والاجتماعية. ومن بين هذه الأدوات، تبرز الصكوك الوقفية النقدية، أو ما يطلق عليها في مسمى آخر "الصكوك المرتبطة بالوقف النقدي" كوسيلة فعّالة لإعادة إحياء الأوقاف وتوظيفها في دعم التنمية المجتمعية. في هذا السياق، وكممارسة اثبتت كفاءتها، قدّمت إندونيسيا تجربة رائدة في هذا المجال، حازت بها على جائزة البنك الإسلامي للتنمية للإنجاز الفعال في الاقتصاد الإسلامي لعام 2023، لتكون بذلك نموذجاً يُحتذى به عالمياً.
الصكوك الوقفية: المفهوم والأهداف
الصكوك الوقفية هي أدوات مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، تُستثمر من خلالها رؤوس الأموال الوقفية في مشاريع مُدرّة للدخل، تُوجّه عوائدها لتمويل الأنشطة التنموية. وتُصنّف هذه الصكوك إلى نوعين أساسيين:
§ الصكوك الدائمة: يُحبس فيها رأس المال الوقفي بشكل دائم، وتُستخدم عوائدها المُستدامة في تمويل مشاريع مُستمرة.
§ الصكوك المؤقتة: يُستثمر فيها رأس المال لفترة محددة، يعود بعدها للمستثمرين، بينما تُستخدم العوائد في تحقيق الأهداف التنموية خلال فترة الاستثمار.
تهدف الصكوك الوقفية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، أبرزها:
§ تنويع مصادر التمويل للمؤسسات الوقفية والقطاع غير الربحي.
§ دعم مشاريع تنموية في مجالات حيوية كالتعليم والصحة وتمكين المُجتمعات المحلية.
§ تحقيق التوازن بين الربحية المالية والعوائد الاجتماعية، بما يُساهم في تحقيق الاستدامة المالية والاقتصادية.
التجربة الإندونيسية: قصة نجاح مُلهمة
تُعدّ إندونيسيا نموذجاً بارزاً في تطوير وإطلاق الصكوك الوقفية النقدية، حيث أطلقت أوّل إصدار لها في عام 2020 بالتعاون بين الحكومة ومؤسسات مالية إسلامية. وقد تُوّج هذا النجاح بفوز التجربة بجائزة البنك الإسلامي للتنمية لعام 2023، تقديراً لدورها الريادي في الجمع بين الابتكار والاستدامة المالية.
وتتميّز التجربة الإندونيسية بالعديد من الملامح:
§ حجم الإصدارات: بلغ إجمالي قيمة الصكوك الوقفية المُصدرة حتى نهاية عام 2023 ما يقارب 840.72 مليار روبية (56 مليون دولار أمريكي).
§ تنوّع الإصدارات: شملت صكوكاً خاصّة (Private Placement) للمؤسسات الكبرى، وصكوك التجزئة (Retail Sukuk) والتي تُتيح للأفراد المُشاركة بمرونة.
§ عدد المُستفيدين: تجاوز عدد المُستفيدين من برامج الصكوك الوقفية أكثر من 5,500 شخص في مجالات الصحة والتعليم، مثل تمويل برامج لعلاج المياه الزرقاء وتطوير الخدمات الصحية في المناطق الريفية.
عوامل نجاح التجربة الإندونيسية:
يعود نجاح التجربة الإندونيسية إلى مجموعة من العوامل، أبرزها:
§ توفير إطار قانوني وتنظيمي مُحكم يدعم إصدار الصكوك ويضمن الامتثال لأحكام الشريعة الإسلامية.
§ اعتماد حملات توعوية شاملة لتعريف الأفراد والمؤسسات بأهمية الصكوك الوقفية.
§ تعزيز التعاون بين الحكومة والمؤسسات المالية الإسلامية لضمان نجاح الإصدارات.
§ توجه العوائد نحو مشاريع تلبي احتياجات المُجتمع وتُحقّق أثراً ملموساً.
الدروس المُستفادة في العالم العربي:
إن نجاح تجربة الصكوك الوقفية في إندونيسيا يفتح المجال أمام الدول العربية، وخاصة المملكة العربية السعودية، للاستفادة من هذا النموذج الرائد. ويأتي ذلك من خلال التركيز على مجموعة من الجوانب الاستراتيجية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية 2030، ومن بين هذه الجوانب:
(1) سد الفجوات التمويلية: يمكن للصكوك الوقفية أن تُساهم بشكل فعّال في توفير حلول تمويلية مبتكرة لسدّ الفجوات التي تواجهها المشاريع التنموية، عبر تقديم مصدر تمويل إضافي ومستدام يُقلّل من الضغط على التمويل الحكومي والتبرعات.
(2) تحقيق التنمية المُستدامة: يُمكن توجيه عوائد الصكوك الوقفية لتمويل مشاريع تنموية مستدامة في قطاعات حيوية كالتعليم، الصحة، والإسكان، مما يُساهم في تحسين جودة الحياة ودعم أهداف التنمية المُستدامة في الدول العربية.
(3) تعزيز الوعي المجتمعي: يمكن إطلاق حملات توعوية فعّالة تُبرز دور الصكوك الوقفية كأداة تنموية تسهم في دعم المشاريع الاجتماعية والاقتصادية، مع تسليط الضوء على قصص النجاح العالمية مثل التجربة الإندونيسية لتعزيز ثقة المجتمع والمؤسسات.
(4) ابتكار حلول استثمارية جاذبة تُلبي احتياجات السوق: يمكن تصميم صكوك وقفية مُتنوعة (دائمة ومؤقتة) تُلبي احتياجات مختلف شرائح المستثمرين، سواء الأفراد أو المؤسسات، من خلال توفير فرص استثمارية تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية وتُحقق عوائد مالية مجزية مع أثر اجتماعي ملموس.
(5) تطوير أدوات قياس الأثر الاجتماعي والمالي: يمكن اعتماد مؤشرات أداء دقيقة تُقيس التأثير التنموي والاجتماعي لعوائد الصكوك الوقفية، مع إعداد تقارير دورية شفافة تُبرز كيفية استخدام الأموال الوقفية والعوائد المُحققة، بما يُعزز ثقة المستثمرين والواقفين ويُظهر جدوى الاستثمار الوقفي.
لقد أثبتت التجربة الإندونيسية في مجال الصكوك الوقفية قدرتها على تحقيق التكامل بين التنمية المالية والاجتماعية، وتُعدّ نموذجًا يُحتذى به في توظيف الابتكار المالي لخدمة أهداف التنمية المُستدامة. لذا، فإنّ تبنّي الدول العربية، وخاصّة المملكة العربية السعودية، لهذا النهج، مع تطوير إطار تنظيمي فعّال وتوجيه العوائد نحو القطاعات الأكثر احتياجًا، من شأنه أن يُساهم في تعزيز دور الأوقاف كمحرّك أساسي للنمو الاقتصادي والاجتماعي، ودعم مسيرة تحقيق أهداف رؤية 2030.
خاص_الفابيتا
ما الفرق بين الصكوك العادية والصكوك الوقفية المؤقتة التي يُستثمر فيها رأس المال لفترة محددة، يعود بعدها للمستثمرين؟
سبحان الله طبيعة البشر نفسيات محمضة لا يحبون الخير لبعض , وحتى منظومة الدولة لا تبالي وما يحك ظفرك الا جلدك .. ما تلقى احد يقول لك وين تستثمر فلوسك وتسترزق الله !! لازم تتلطع في كل مكان خساير وتشف حلالك يضيع حتى تلقى المكان المناسب. ينسون ان الدنيا فانية وان النية صافية مفتاح كل خير وبركة .. ومن الاخر من عندي اقول لك الاستثمار عن طريق بنك تجارة كابيتال الاماراتي افضل استثمار على وجه الارض جهة رسمية تشتغل في صمت وتواضع يديرون لك الاستثمار او المحفظة اعطيتهم القليل واعطوني الكثير تقول مثل البحر ويجوك مثل المحيط , استثمار امن مع تامين والعوائد فوق الخيال والل فهمته يتصيدون اسهم الشركات الناشئة المشرفة على الانفجار او يستكشفون النمو المتسارع في الاسهم ويعطونك محفظة مع تخارج واضح وتوزيع عوائد شهري واضح مستقر وعالي تدخل معهم بتكاليف بسيطة وتكون في مكان وتلقى نفسك بمكان ثاني وعالم آخر اللهم قد بلغت يكفي نفسيات بخيلة كفانا استنزاف .....!.