المعنى الاصطلاحي للقانون أنه القواعد الاجتماعية الملزمة المنظمة لعلاقات الأفراد داخل الجماعة، التي تستتبع مخالفتها توقيع الجزاء. ومصدر القانون تتفاوت فيه المجتمعات. ففي بلاد المسلمين تشكل الشريعة أساسا، أما علم الاقتصاد economics فإنه يدرس مناهج في كيفية استخدام الموارد المتاحة وهي بطبيعتها محدودة، كالأرض ومساحتها، لإنتاج وتبادل السلع والخدمات. الموارد غير محدودة في الجنة فقط، جعلنا الله من أهلها. وتحتاج معرفة كيفية الاستخدام إلى أدوات تحليل تبين كيف يحصل الإنتاج والتبادل. ويبنى على ويستفاد من هذه الكيفية في محاولة معرفة الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، مما سبق نفهم أن علم الاقتصاد لا يضع قواعد للسلوك، ولكنه يسهم في تحليل اقتصادي للقوانين، عبر إنارة الطريق لواضعها، وإنارته في فهم تأثيرها في استخدام الموارد. وتبعا، فإن مراعاة المبادئ والمعايير الاقتصادية ينبغي أن يسترشد بها ويرجع إليها عند وضع القوانين. ولنا في قصة النبي يوسف عليه السلام في تفسير رؤيا ملك مصر دروس ومواعظ.
ما أهم المبادئ الاقتصادية للتحليل الاقتصادي للقانون؟
يقف على رأس المبادئ الكفاءة الاقتصادية. وهذا موضع اتفاق بغض النظر عن التخصص. الكل يوافق على أهمية الوصول إلى أعلى درجة ممكنة من جودة استخدام الموارد المتاحة. والقوانين تسعى إلى تحقيق تلك الكفاءة. لكن قد يوضع قانون دون أن يعطي الكفاءة الاقتصادية أولوية. مشكلة أخرى هو أن هناك خلافات بين أفراد المجتمع في تقدير أهمية المنفعة المحققة. ويساعد علم الاقتصاد وأدواته على تقديرها، رغم ما سبق، فإن هناك اختلافات في فهم المقصود بالكفاءة. وتساعد على تقليل هذه الاختلافات النظر إلى المعايير في النظر العلمي الاقتصادي، أهم معيار تحقيق أعلى المنافع بأقل ضرر، وليس بلا ضرر. ذلك أنه لا يمكن لأي قانون أي يحقق منافع دون أي آثار سلبية، من المعايير تحقيق أقصى منفعة ممكنة. وهذا موضوع طويل.
من المعايير التعويض. الحصول على المنافع له تكاليف، وينبغي مراعاة أن المنافع تعوض عن التكاليف، أي أنه من المهم عند صياغة القوانين مراعاة ألا تكون تكاليف تطبيق القانون أكثر من منافعه. مثال حصول مضار من إنتاج سلعة في مصنع. هل يصدر قانون بإغلاق المصنع؟ الأمر يعتمد على تقصي الحلول الأخرى، وتقصي المنافع والتكاليف وتبعات كل منها. تميل المدارس الفقهية والقانونية إلى النظر إلى مدى تحقيق المنافع للناس. كيف؟ لابد من معايير موضوعية لمعرفة آثار القانون تحت النقاش. من المعايير التكاليف الاجتماعية. طبعا تطبيق كل قانون يجلب آثارا وتكاليف مجتمعية. وينبغي أن تراعى للوصول قدر المستطاع إلى أحسن بناء قانوني، من أهم المبادئ مكافحة الفساد وسيادة القانون. هناك أهمية اقتصادية كبيرة لهذا الأمر. كثير من الدول ضعفت ليس بسبب ضعف مواردها، ولكن بسبب الفساد وسوء استخدام الموارد. ولا شك أن الرؤية أعطت اهتماما قويا لمكافحة الفساد وجودة استخدام موارد البلاد.
ما سبق له انعكاسات كبيرة على العلاقة بين علم الاقتصاد للقانون. على سبيل المثال، قامت جامعات ومراكز علمية كبيرة بإدخال تعديلات على مناهج أقسام القوانين. تعديلات قصد منها تدريس طلبة القانون مبادئ اقتصادية ومحاسبية ونحوها بما يساعد على جودة فهمهم لما يفترض عليه أن تكون القوانين، وهناك اهتمام متزايد من عدة جامعات (في الغرب) لتدريس مقرر تطبيقي يعنى بالتحليل الاقتصادي للقانون، غالبا تحت مسمى "قانون وعلم اقتصاد law and economics". ويدرس هذا المقرر في العادة في أقسام ومدارس القانون، بعد دراسة مقرر عن مبادئ الاقتصاد، بلغة تستخدم رياضيات وإحصاء مبسطة.
نقلا عن الاقتصادية