تطورات متسارعة تشهدها منظومة التمويل العقاري في السعودية، أبرزها نشوء سوق ثانوية لتداول أوراق الرهن العقاري الناتجة عن شراء الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري لمحافظ القروض العقارية من البنوك ومؤسسات التمويل، حيث من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تنشيط عملية بيع وشراء أوراق الرهن العقاري من قبل كافة المستثمرين ما سيعود بفوائد كبيرة على منظومة التمويل العقاري، لكن كيف سيتم ذلك وما الجدوى من الاستثمار في تلك الأدوات المالية، وكيف ستستفيد سوق التمويل العقاري وما تأثير ذلك في تكلفة الاقتراض؟، الهدف من تعاون الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري مع المؤسسة المالية العريقة "بلاك روك" يأتي بسبب الحاجة إلى إيجاد منظومة متطورة لتداول أوراق (أو سندات) الرهن العقاري التي تصدرها الشركة، التي تختلف عن السندات والصكوك التقليدية في عدة جوانب، لذا فشركة إعادة التمويل بحاجة إلى إصدار هذه الأوراق بطرق فنية قياسية معينة ترفع من جاذبيتها لكافة فئات المستثمرين في الداخل والخارج.
ما السبب في إصدار سندات الرهن العقاري، ومن يقوم بإصدارها؟
سندات الرهن العقاري عبارة عن أوراق مالية تصدرها جهة متخصصة، كالشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، وذلك بعد قيامها بشراء مجموعة من محافظ التمويل العقاري من البنوك، ومن ثم تقوم بتصنيفها حسب درجات مخاطرها وبيعها كسندات ذات خطورة عالية أو متوسطة أو متدنية، وتبعاً لذلك يختلف العائد في كل منها، وهذا نوع متقدم من سندات الرهن العقاري قد يعمل به الآن أو ربما لاحقاً، وهو يختلف عن سندات الرهن العقاري العادية التي تكتفي بتمرير التدفقات النقدية إلى المستثمرين دون أخذ أي من المخاطر في الحسبان، مثلاً مخاطر تعثر العملاء أو مخاطر السداد المبكر، وغيرها. وبالطبع السبب في بيع عقود التمويل العقاري من قبل البنوك أن ذلك يمنحها سيولة كبيرة تمكنها من تقديم قروض عقارية جديدة، لذا فالفائدة مشتركة: البنوك تحصل على السيولة، والمستثمرون يجدون وسيلة استثمارية تتميز بعوائد جذابة، وشركة إعادة التمويل كذلك تستفيد من فروقات العوائد بين ما تدفعه لشراء المحافظ وما تتحصل عليه من المستثمرين.
كيف يمكن للمستثمرين الاستفادة من سندات الرهن العقاري؟
يمكن لأي مستثمر في السوق الثانوية لسندات الرهن العقاري شراء السندات من المؤسسات المالية، وربما تكون متاحة كذلك من خلال منصة "تداول" كالسندات الحكومية وسندات الشركات حالياً، لكن تتميز سندات الرهن العقاري بأنها توزع أرباحها بشكل شهري، وليس نصف سنوي كما في السندات العادية، كما أن التوزيعات تشمل الفائدة وجزءا من رأس المال، أي إنها ليست كالسندات توزع فقط الفائدة كل 6 أشهر وفي نهاية عمر السند تقوم بإعادة رأس المال للمستثمر، لذا فالتوزيعات الشهرية في سندات الرهن تكون كبيرة نسبياً، وبحسب نوع السندات المصدرة يمكن للعائد أن يكون أكبر بكثير منه في السندات التقليدية، بحسب جودة القروض ودرجة المخاطرة بها.
كيف تضمن شركة إعادة التمويل عدم الخسارة؟
هنا تأتي الحاجة إلى منظومة متطورة داخل الشركة نفسها وفي السوق الثانوية، فالشركة تشتري محافظ التمويل العقاري المطابقة لمواصفاتها، ما يعني أن البنوك تلتزم بشروط شركة إعادة التمويل لتتمكن من بيع محافظها بأسعار مناسبة، كذلك الشركة لديها اتفاقيات مع عدة جهات تعينها في عملها وتخفف عنها المخاطر، مثلاً لديها اتفاقية مع الشركة السعودية لخدمات الضمان الإسكاني، ما يعني تخفيف درجة المخاطرة في المحافظ العقارية التي تشتريها، كون شركة الضمان الإسكاني تضمن جزءا معينا من القروض العقارية التي تقدمها البنوك.
كيف يؤدي ذلك إلى خفض تكلفة التمويل العقاري؟
عندما تتوافر للبنوك سيولة دائمة نتيجة وجود جهة مستعدة لشراء ما لديها من محافظ عقارية فإن ذلك يؤدي إلى خفض المخاطرة على البنوك ويجعلها قادرة على منح قروض جديدة، إضافة إلى أن نشاط سوق الرهن العقاري ودخول المستثمرين الأجانب فيها سيرفع من درجة المنافسة بين البنوك، ما يعني حاجة البنوك إلى جذب العملاء بشكل مستمر، علاوة على التأثير الإيجابي للسعر المرجعي الذي تنشره شركة إعادة التمويل في تكلفة القروض التي تمنحها البنوك.
نقلا عن الاقتصادية