في الأسبوع الماضي كتبت تقرير "دراقي"و ما ذكر عن طبيعة التحديات مقارنة بأمريكا والصين. جودة الحياة في أوروبا وحتى القدرات المالية والاقتصادية والبحثية معروفة، لكن مع هذا تأخرت أوروبا عن أمريكا والصين في "الاقتصاد الجديد"، يذكر التقرير 3 معوقات رئيسة. الأولى، أن أوروبا تفقد التركيز، فأوروبا تحدد الأهداف أحيانا بوضوح لكن لا تدعم بأولويات واضحة أو تتابع بسياسات تعاونية بين الدول. فمثلا هناك ادعاء بدعم الإبداع لكن تستمر أوروبا في تشريع أنظمة وقوانين مكلفة خاصة على الشركات الصغيرة والمتوسطة. فأكثر من نصف شركات الصناعة الرقمية تذكر أن المعوقات التنظيمية والإدارية هي أهم معوق لهم. لعل الأهم أن ما يذكر أنها "سوق أوروبية موحدة" ليست بكذلك، فالسوق استمرت جزء ما يؤثر في مساحة القدرات التنافسية، بالتالي هروب كثير منها خارج أوروبا الذي بدوره يعوق تطوير أسواق رأس المال.
فإحدى نقاط التميز في أمريكا مقارنةبتنوع ومرونة وتطويع أسواق المال لتخدم الشركات الناشئة والأفكار الجديدة. بالرغم من أن الادخار في أوروبا أعلى من أمريكا فإن هذا العامل وحده لا يكفي لتمويل الإبداع. بل إن الفجوة في بناء الثروة لصالح أمريكا بأكثر من 50% منذ 2009، المعوق الثاني، أوروبا لديها مصادر ومقدرات مثل حجم الإنفاق لكنها تصبح ضعيفة لأنها متبعثرة بين دول وأدوات عدة. فمثلا ليس هناك جهود منظمة في تعاون شركات الصناعات العسكرية لتصل إلى الحجم المنافس عالميا. فسلسة الإمداد ضعيفة حيث يذهب 78% من مصروفات الإمداد لشركات غير أوروبية، 63% منها لشركات أمريكية. مثال آخر في الإنفاق على الأبحاث والتطوير التي جميعها تصل إلى مستوى أمريكا لكن 10% منه فقط على مستوى الاتحاد الأوروبي، البقية على مستوى الدول ما يقلل التعاون و تدفق الأفكار الإبداعية بين الأوربيين.
المعوق الثالث، ضعف التنسيق في بعض النواحي المهمة. إحدى خصال العصر اليوم ما يسمى "بالسياسة التصنيعية"، و هنا يبرز تميز الصين ربما في تعلمها من تجارب اليابان و كوريا، لكن حتى أمريكا خاصة أثناء إدارة بايدن شرعت في تجربة ضخمة في دعم مالي منظم لبعض الصناعات، كأشباه الموصلات والبطاريات ومجالات أخرى لكن أيضا في البنية التحتية لتوطين ودعم هذه السياسات كما تمارس من الصين وأمريكا تتطلب تنسيقا ماليا لتشجيع الإنتاج داخليا وسياسة تجارية داخلية تحد من معوقات المنافسة، وخارجية تخدم الشركات الوطنية، خاصة في دعم سلاسل الإمداد كما في الحاجة إلى المعادن والمواد النادرة. لم يرتق التنسيق بين الدول الأوروبية بما يكفي لعالم أكثر تعقيدا.
هدف التقرير الوصول إلى إستراتيجية تصنيعية تستطيع التغلب على هذه المعوقات. يتطرق التقرير لتفاصيل في القطاعات الصناعية والخدمية، لكن قبل الجزيئات المهمة كيف لأوروبا تمويل برامج مؤثرة مكلفة دون اتحاد حقيقي في أسواق رأس المال لأن القطاع الخاص لن يمول هذه البرامج بمفرده؟. السؤال الثاني هل تسعى أوروبا إلى إصلاح عميق إلى حد رفع الإنتاجية التي بدورها تزيد المساحة المالية لذلك رفع الإنتاجية مفصلي؟. الصعوبة في التعويل على التأجيل لتأسيس إجماع على مواضيع أحيانا تفصيلية وتأخذ وقتا طويلا بطبعها. في العمود الثالث والأخير سأحاول نقد التقرير وأتلمس فرص السعودية في ظل التفاوت في التجمعات الاقتصادية الثلاث.
نقلا عن الاقتصادية