تمر أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم بتقلبات مختلفة، منها الارتفاع والانخفاض والتداول العرضي، وإذا ما اتجهت السوق للصعود فإن جميع المتعاملين لا يذمون السوق، بل يمتدحونها بأنها قناة رائعة للادخار والثراء، أما إذا اتجهت السوق إلى الهبوط فإن المتعاملين غير المحترفين يذمون السوق ويصفونها بأنها سوق تسير بلا قواعد؛ لدرجة وصفها بـ«طاولة القمار»، وهو وصف متطرف للغاية مع الأسف، أما المتعاملون المحترفون فيعرفون أن لسوق الأسهم قواعد منضبطة بنسبة عالية، لذلك هم يتبعون هذه القواعد، لذلك سنأخذ حالات السوق الثلاث، ولنبدأ بحالة الارتفاع، فأسواق الأسهم بصفة عامة ترتفع حينما يسود يقين لدى كبار المتعاملين والمؤسسات المالية أن السوق ستصعد، وهم يبنون ذلك على عدة عوامل، أهمها نتائج الشركات، فهم يعرفون أن نتائج الشركة الجيدة ستنعكس إيجاباً على سعر السهم.
ثم تأتي أسعار الفائدة البنكية، فإذا كانت أسعار الفائدة منخفضة كان أداء سوق الأسهم متحسناً، ثم يأتي وضع الاقتصاد العام في الدولة، فإذا كان جيداً انعكس ذلك على أداء سوق الأسهم إيجاباً، ثم تأتي الحالة السياسية للبلاد، فكل ما كانت مستقرة ارتفعت سوق الأسهم والعكس بالعكس، هذه أهم العوامل في السوق التي تجعل أي سوق أسهم ترتفع، والمحترفون يعرفونها جيداً، في المقابل فإن عكس هذه العوامل يجعل السوق تتراجع، وهذه هي الحالة الثانية، فمثلاً إذا كانت نتائج الشركات سيئة في سوق ما تراجعت أسهمها، وإذا كانت الفائدة البنكية مرتفعة سحبت السيولة من سوق الأسهم للبنوك، فتؤثر على أسعار الأسهم سلباً، وإذا كان وضع البلاد غير مستقر سياسياً فإن سوق الأسهم تصبح غير جاذبة، فتتراجع أسعار الأسهم، ومن الطبيعي إذا كانت البلاد غير مستقرة سياسياً أن يكون وضع الاقتصاد العام غير جيد، ما ينعكس سلباً على أداء سوق الأسهم.
أما الحالة الثالثة للسوق فهي التداول العرضي، وهذه تنشأ من حالة عدم اليقين من حدوث عامل مؤثر في السوق، فمثلاً في الأسابيع الماضية، وعندما تيقنت الأسواق بخفض الفائدة من قبل «الفيدرالي الأميركي» بدأت الارتفاع المحسوب ثم اتجهت إلى التداول العرضي، ونعني بالتداول العرضي الارتفاع المحدود والانخفاض المحدود، لأن عدم اليقين بدأ يساورها من ظهور مؤشرات قد تجعل «الفيدرالي الأميركي» يُبقي على أسعار الفائدة كما هي، ما يجعل الأسواق تتجه إلى التراجع.
طبعاً القواعد المنظمة لأسواق الأسهم أكثر مما ذكرت، ولكنني ركزت على القواعد الأساسية؛ لأن هناك جانباً نفسياً في السوق، وآخر يتحكم به المضاربون. ودمتم.
نقلا عن الشرق الأوسط