داعيات العطل التكنلوجي الذي حدث شهر يوليو الماضي، وتسببه في أزمة رقمية، نتجت عن انقطاع الإنترنت، وتعطل أجهزة الكومبيوتر التي تعمل بنظام التشغيل «ويندوز»، إلا أنها أبرزت أهمية التحوط من مخاطر المنظومة الرقمية، التي ربما تسببت في انهيار حقيقي لقطاع الأعمال والأسواق المالية وانقطاع مفاجئ في قطاعات الإنتاج، وبالتالي سلاسل الإمداد، خاصة مع اعتماد الموانئ والمطارات على الأنظمة التقنية والشبكات الرقمية في تنفيذ أعمالها، ساهمت التطورات التقنية في هيمنة التكنلوجيا على قطاع الأعمال، وتحولت الشبكات الرقمية إلى قاعدة رئيسة لإدارة الإنتاج، والمناولة والشحن، وتداول السلع في الأسواق العالمية، ما يجعل المنظومة الرقمية، بمكوناتها البرمجية وأنظمتها والشبكة الداخلية والخارجية، عرضة لمخاطر مرتفعة وتحديات تتطلب المتابعة الدقيقة، وتعزيز الأمن السيبراني، وخلق شبكات بديلة، وحوسبة سحابية داخلية لضمان أمن المعلومات، ووجود نسخة احتياطية يمكن استخدامها في حالات الطوارئ. قد تكون الشبكة المغلقة من الحلول الناجعة، وهو خيار تم تطبيقه بنجاح في الصين، وساهم في حماية قطاع الأعمال والمجتمع من مخاطر الشبكات الخارجية المفتوحة.
برزت أزمة «العطل التقني» مخاطر الرقمنة التي قد توازي منافعها، فضرر انقطاع خدمات الإنترنت، وتعطل الأجهزة، وفشل البرمجيات لا يقتصر على أسواق التداول بل يتسبب في أضرار فادحة لسلاسل الإنتاج والإمداد، ما يستوجب اتخاذ كامل الاحتياطات اللازمة لمواجهة التحديات التكنلوجية الطارئة، وكشفت عن تحديات المنظومة الرقمية، وحفزت قطاع الأعمال لاستخلاص الدروس والعبر التي يمكن استثمارها للحد من التداعيات، بعد أن تغلغلت التكنولوجيا في جميع تفاصيل الحياة، والاقتصاد، وقطاعات الإنتاج، وبخاصة قطاع النفط والغاز، ومن تلك الدروس، ضرورة تحديث البرامج بشكل تدريجي، وتعزيز أدوات مراقبة الجودة الرقمية، وإجراء اختبارات جهد للشبكات والأنظمة بشكل دائم، والتركيز على الحوسبة السحابية، والنسخ البديلة، وشبكة الطوارئ القادرة على العمل المباشر في الأزمات وبما يضمن استدامة العمليات التشغيلية، و تعزيز الأمن السيبراني، وعدم الاعتماد على شركة برمجيات واحدة، إضافة إلى خطط الطوارئ المعدة سلفا.
وإدارة الأزمات الرقمية التي تعتبر من أدوات الكفاءة الإدارية التي تحمي الشركات من المخاطر السيبرانية، أحد أهم المخاطر المؤسسية، إن لم يكن أهمها على الإطلاق، لتداخلها وتحكمها في جميع العمليات التشغيلية. فشل المنظومة الرقمية أو تعطلها قد يتسبب في مخاطر مرتبطة بالإنتاج والمناولة والشحن، وقد يتسبب في حوادث صناعية خطيرة، خاصة مع تفاقم خطر الهجمات الإلكترونية وتطور أساليبها، والأخطاء التقنية، والتداخل المنفعي بين العصابات الإجرامية والجماعات الإرهابية المهددة لقطاع الأعمال عموما، وفي مقدمها القطاعات المالية، والنفط والغاز والبتروكيماويات، والقطاعات الخدمية. قد لا يتوقف الخطر على تلك القطاعات، بل يتعداها إلى القطاعات اللوجستية المنخرطة في سلاسل الإمداد، فتعطل إحدى شركاتها يعني تعطل المنظومة، ما يستوجب وضع معايير عالمية مرتفعة للأمن السيبراني، والتزام قطاع الأعمال بها، وإلزام الشركات المتعاقدة بتحقيق متطلبات ومعايير الأمن الرقمي، وبما يضمن سلامة الإنتاج واستدامة الإمدادات، وحماية الاقتصاد العالمي من التحديات المفاجئة والمؤثرة.
التغير المتسارع في المنظومة الرقمية يقابلها تحول في المشهد السيبراني، وتطور متوافق مع الاحتياجات الأمنية الضرورية. التطور الجيوسيبراني، والاقتصادات السيبرانية من الجوانب المهمة التي تحتاج إلى كثير من البحث والاهتمام لتحقيق الحماية التامة للاقتصادات العالمية، سيطرة المنظومة الرقمية على قطاع الأعمال، يفرض على قطاع الأعمال، إضافة إلى الجهات المعنية بالأمن الرقمي، والمرجعيات المنظمة والمشرفة عليها، رفع معدلات الحماية السيبرانية، وخطط الطوارئ البديلة، والتحوط لمواجهة تحديات الأعطال المفاجئة، أوالهجمات السيبرانية، والإرهابية.