تشكل الثورة الرقمية في السنوات الأخيرة نقلة هائلة في حجم الإنتاج المرئي والمكتوب المقدم إلى نطاق واسع من المتلقين وأرض واسعة لتقديم الرسائل والتوجيه لمليارات من البشر في العالم ويزداد هذا الوصول كلما ازدادت تغطية الإنترنت عالميا وأصبحت أقرب من حيث التكلفة للأغلبية. لقد بدلت التقنية المنظور الأساسي للمواد الإعلامية بجميع تفاصيلها، سواء كانت موجهة إلى العموم، الأفراد بجميع فئاتهم العمرية، العائلات أو الأطفال، حتى على الصعيد الإخباري كان لمواقع التدوين المصغرة دورها في التأثير في طبيعة تلقي الأفراد للأخبار كانت الجرائد تغطي الأخبار اليوم التالي ثم تغير الحال مع القنوات الإخبارية التي تغطي الأحداث في الدقائق التالية وصولا إلى مواقع التدوين المصغرة التي أصبحت تغطي الأحداث في لحظتها بنقل مباشر مرئي ومكتوب. كان لهذه الثورة التقنية أثرها حتى في تغيير الذوق العام لكل ما يقدم وضيقة الأفق كذلك على مواصلة المتابعة فعلى سبيل المثال انخفضت قدرة الفرد على مواصلة متابعة أي مادة إعلامية ما يزيد على 10 دقائق إلى ثوان لا تتجاوز 90 ثانية كمعدل لما يشاهده ويسمعه الأفراد من المواد السمعية أو المرئية بعد القفزة الرقمية للإنتاج.
شكلت هذه النقلة الرقمية في عالم البث الإعلامي نقلة كبيرة تسببت في تغير طبيعة القطاع وطبيعة التعاطي معه إلى طبيعة جديدة ومختلفة تسببت في القضاء على مؤسسات إعلامية عريقة لم تستطع مواكبة التغير أو حتى استمرت في مقاومة التغيير حتى تسببت في خروجها من السوق وهذا أثر طبيعي لتبدل قواعد اللعبة لكل قطاع، عند تبدل قواعد اللعبة تنقسم الجهات إلى فريقين: متقبل ومبادر بالتغيير، ومقاومة له. كما أن لهذا التغيير أثره السلبي في طبيعة عمل القطاع الإعلامي إلا أن الإيجابيات من التغيير ملموسة وأهمها تحسين جودة ما يقدم وزيادة أثر المنافسة، إضافة إلى ذلك أسهم التحول الرقمي للقطاع في خفض تكلفة الإنتاج ما زاد من كمية الإنتاج وأوصل ذلك إلى مزيد من مقدمي البرامج والمواد إلى العالم أفراد، عائلات، جماعات ومن يتصفح فضاء الإنترنت يجد آلاف الأفراد ومئات العوائل التي امتهنت تقديم المواد الإعلامية سواء ببث مباشر أو مسجل للعالم. لا شك أن المحتوى الإنجليزي هو الأكثر هيمنة على الإنتاج والمواد المقدمة عالميا ولها تأثيرها المباشر في المتلقين.
وسط هذا الزحام من الإنتاج الإعلامي الرقمي عالميا، استطاع مقدمو هذه المواد جني مئات الآلاف من الدولارات شهريا بسبب المشاهدات والإعلانات ما رفع مستوى التحدي والمنافسة واستغلت هذه المواد الرقمية للتعريف والتثقيف إما بثقافات، أعراق ومنتجات بشكل مباشر وغير مباشر ووسط هذا الازدحام الرقمي لا زال الإنتاج العربي منه يتسم بالشح والضعف في المحتوى والقدرة على جذب المتلقي لافتقاره إلى حاضنة أو إستراتيجية تحدد توجهاته، إضافة إلى أنه لا يمكن الجاذبية الكافية لمخاطبة المتلقين بكل فئاتهم العمرية.
يمثل هذا الضعف نافذة وفرصة لرعاية منتجين رقميين ومقدمي مواد إعلامية تخاطب العالم، هذه الفرصة تمثل زاوية تحسين جودة المنتج، التعريف ومخاطبة العالم، صناعة ضخمة تحتاج منا إلى حضور أكبر، لأننا نمتلك الكوادر، الموارد والقدرة على مخاطبة العالم بلغاتهم وتحسين جودة ما يتلقاه الجمهور العريض في السعودية والمنطقة.
نقلا عن الاقتصادية