يمر العالم بحالة بين التراجع و المراجعة في تحول الطاقة لاسباب كثيرة منها ان الطاقة الاحفورية لاتزال الانسب اقتصاديا من ناحية الفعالية و الموثوقية و التكاليف النسبية و التكلفة المتزايدة على الحكومات و الناس في ظل تنامي غير مسبوق في المديونية تقريبا في كل الدول. ولكن الرحلة نحو تعدد مصادر الطاقة مستمرة و لن تكون طبقا لمنحنى سلس دون كبوات هنا و هناك خاصة ان تاريخ التحولات في منظومة الطاقة دائما طويل و ملئ بالتطابقات في توظيف المصادر بين الماضي و الحاضر و المستقبل. فلا تزال الأخشاب تشكل حوالي 6% من الطاقة الاولية في العالم. الملفت في هذا التحول حالة الجزع العام حول البيئة و التي اخذت بعد سياسي و حتى اديلوجي لانها تطابقت مع بيئة سياسية حاضنة في الغرب، هذا لا يعني قبول التأثيرات المناخية و لكن يعني الوصول للطريق الامثل اقتصاديا، و البعد الآخر ان هناك دعم مالي مؤثر في محاولة للتاثير على الخيارات الاقتصادية. في هذا الصدد لفتاختلاف الطرح بين الاقتصاديين، فهناك كتابات Bojrn Lomborg- اقتصادي دينماركي و رئيس سابق لمعهد التقديرات البيئية، رئيس منتدى اجماع كوبناهقن الذي يقدم طرح يتسم بالموضوعية من حيث القياس المالي و الاقتصادي كطريق للمفاضلة حول سياسات الطاقة مقابل طرح مارتن ولف Wolf استاذ اقتصاد و احد اهم اقتصادي الفيننشال تاميز، الذي يقول ان تكلفة التاخير في الطاقة المتجددة سوف تكون مكلفة و تعوق التنمية و النمو في الدول النامية خاصة. يعتبر عدم قبول التاثير البيئ غير أخلاقي و حتى غبي.
احد جوانب التحدي ان التحول مكلف في ضل ضغوطات اقتصادية و مالية في كل الدول تقريبا. يقول بورجن ان العالم صرف حوالي $2 ترليون في عام 2023 لاجبار التحول في الطاقة، فعلى مدى العقد الماضي ارتفع انتاج الطاقة من الشمس و الرياح و لكن استهلاك الطاقة من المصادر الاحفورية زاد بحجم اعلى لنفس الفترة. طبقا للدراسات ان الدول التي تضيف مصادر متجددة ترفع الاستهلاك اكثر من انها تستبدل مصادر الطاقة الاحفورية، فمثلا تذكر ادارة بايدن ان مصادر الطاقة المتجددة ستستمر في النمو حتى 2050 و لكنها ايضا ستشهد ارتفاع في استهلاك الطاقة الاحفورية. في القرن التاسع عشر اثناء التحول من الأخشاب للفحم استمر استهلاك الأخشاب في الارتفاع بالرغم من ارتفاع حصة الفحم من الاستهلاك ككل. نفس التطور حدث مع استهلاك النفط و الفحم، في 1970 ارتفع استهلاك الفحم و الخشب و الغاز و النفط. منذ اتفاقية باريس في 2015 الى 2023 صل انتاج الكهرباء من الطاقة الاحفورية الى رقم قياسي مسجل نمو 12% مقابل نمو 44% من الطاقة المتجددة، وبالتالي انخفضت حصة الطاقة الاحفورية من 67% إلى 61%. احد التحديات الهيكلية ان العائد الاستثماري على توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة غير جاذب للمستثمرين.
التاريخ و التكاليف ترشدنا الى ان التحول لن يكون قصير او سهل او غير مكلف لان البعض اختار الخوض ضد الامثل و الاسهل اقتصاديا مهما بدات الاهداف سامية او منطقية حسب العدسة المختارة. ربما ليس افضل مثال ما تعاني الكثير من الدول في توليد الكهرباء هذا الصيف. في كتابة الاخير Best Things First يقدم بوجرن 12 من الحلول التي يراها الامثل اقتصاديا و بيئيا خاصة للدول النامية و الفقيرة، و لكنه اصبح معروف بعد كتابة المثير الجدل في 2001 The Skeptical Envirnmentalist، قدم سردية مختلفة عن التقليدية حول الطاقة و البيئة حيث ما تقوم به الدول في الطاقة المتجددة لن يكون له تأثير يذكر على ظاهرة الاحتباس الحراري. الاشكالية في مصادر الطاقة المتجددة انها تعتمد على حالة الطقس و التي قد تكون متوفرة في وقت لا نحتاجها او تختفي في وقت الحاجة، لذلك تبدو احيانا غير مكلفة لان القياس غالبا اثناء ثروة الاستفادة منها و لذلك التكلفة الحقيقية اعلى بكثير اذا شملت التكلفة فترات الانقطاع و تكلفة التخزين و استثمارات الشبكة و الغير مباشرة مثل تحديات التعدين و التنافس على المعادن بما في ذلك من تاثيرات بيئية.
قبل حل اقتصادي لتخزين الطاقة و الذي لازال مكلف جدا و غالبا غير عملي لايمكن للطاقة المتجددة منافسة الطاقة الاحفورية. زاوية اخرى تتمثل في توظيف الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء فقط و الذي يشكل حوالي خمس الطاقة ككل، و بالتالي لا يشمل توليد الطاقة لانتاج الحديد و الأسمنت و الاسمدة و الكيماويات او الزراعة. التحول سوف يتطلب مزيدا من الضرائب على الطاقة الاحفورية لجعلها اقل تنافسية و بالتالي إرهاق المستهلك بتكاليف اضافية في ظل مديونية عالية على الدول و الافراد، تقدر ماكنزي ان هناك حاجة لاستثمار $ 5 ترليون سنويا لاحداث تحول معتبر مما قد يعوق النمو الاقتصادي و بالتالي تصبح التكلفة الحقيقية اعلى بكثير. في ظل هذه التجاذبات الاقتصادية و الحاجة للتكيف و المرونه تقوم المملكة ممثلة بوزارة الطاقة بجهود و حجم استثماري غير مسبوق تاريخيا و ربما اكبر استثمارات مستقبلية، في الطاقة الاحفورية لانها ستستمر الامثل و الميزة التنافسية للمملكة في المدى المنظور و لكن هناك جدول استثماري طموح للطاقة المتجددة وقطاع الكهرباء و جهود اخرى متوازية في التعدين.
خاص_الفابيتا