النمو الاقتصادي غير النفطي يدعم الاستقرار المحلي

13/06/2024 2
عبد الحميد العمري

احتفظ النشاط الاقتصادي المحلي غير النفطي بوتيرة النمو مع مطلع العام الرابع على التوالي، مسجلا نموا حقيقيا بنحو 3.1 % مع نهاية الربع الأول من العام الجاري، مدفوعا بالنمو الحقيقي للقطاع الخاص الذي سجل بدوره نموا أعلى بنحو 3.4 %، وليتقدم خطوة أسرع نحو رفع إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي إلى 48.3 % كأعلى نسبة تاريخية يسجلها القطاع في تاريخ الاقتصاد الوطني، اقترنت بتسارع قدرته على توليد مزيد من الوظائف للعمالة المواطنة بمعدل نمو سنوي وصل إلى 5.0 % للربع نفسه من العام الجاري، على المستوى الكلي للاقتصاد الوطني، تراجع النمو الحقيقي للاقتصاد بمعدل سنوي يبلغ 1.7 % متأثرا بانكماش القطاع النفطي للفترة نفسها بمعدل سنوي يبلغ 11.1 %، متأثرا بخفض إنتاج النفط إلى نحو 9 ملايين برميل يوميا، ضمن تحالف "أوبك+" الهادف إلى دعم استقرار السوق، وقد جاءت تراجعات معدلات النمو السنوية بنهاية الربع الأول 2024 أدنى من التراجعات التي حدثت خلال الربعين السابقين من العام الماضي. ونظرا لارتفاع إسهام القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 70.2 % كأعلى نسبة إسهام له تاريخيا، فقد أسهم ارتفاع ذلك الإسهام في حد كثير من آثار تراجع القطاع النفطي، مترجما بذلك النجاح المطرد لبرامج ومبادرات التنويع الاقتصادي التي أوجدتها رؤية السعودية 2030.

تأتي تلك الخطى الناجحة للاقتصاد الوطني خلال الفترة الراهنة، وسط ضبابية مسيطرة على الاقتصاد العالمي، نتجت عن تطبيق سياسات متشددة للبنوك المركزية حول العالم لمواجهة التضخم العالمي، أنهت عامين حتى تاريخه مخلفة كثيرا من التحديات على كاهل الاقتصادات حول العالم، وعلى الاقتصادات الكبرى على وجه الخصوص، إضافة إلى اتساع دائرة الاضطرابات الجيوسياسية في عديد من أنحاء العالم، تركت آثارها السلبية على سلاسل الإمدادات والتجارة العالمية، التي تأثرت أيضا بارتفاع وتيرة الحروب التجارية بين أغلب أقطاب الاقتصاد العالمي.

لقد نأى الاقتصاد الوطني بمقدراته إلى حد بعيد عن أغلب الآثار العكسية للتحديات التي يمر بها الاقتصاد العالمي، وتمكن من المحافظة على وتيرة نموه المستدام (القطاع غير النفطي)، واحتفظ رغم تلك التحديات بالاستقرار المالي بإقراره ميزانية حكومية محفزة لأغلب نشاطات الاقتصاد الوطني، وبمستوى عجز مالي لم يتجاوز 1.2 % بنهاية الربع الأول من العام الجاري، إضافة إلى الدور التنموي الإيجابي الذي يقوم به صندوق الاستثمارات العامة، واستمرار تدفقات الاستثمار الأجنبي لجاذبية بيئة الأعمال المحلية، التي سجلت خلال عام مضى ارتفاعا سنوي حتى ما قبل الربع الأول من العام الجاري بنحو 46.2 مليار ريال، وهو ما أسهم في مجموعه في تحقيق مزيد من متانة الأداء الاقتصادي محليا، ودفع بمحركات النمو المستدام، والقدرة على توليد الوظائف في أنشطة الاقتصاد الوطني المختلفة، التي كان من أبرز نتائجها تراجع معدل البطالة بين المواطنين إلى أدنى مستوى تاريخي له منذ بدء نشره رسميا عند 7.7 % بنهاية الربع الأخير من 2023، ويتوقع مع تسارع معدلات التوطين في سوق العمل المحلية أن يستمر المعدل في التراجع مع نهاية الربع الأول من 2024، أو على أقل تقدير المحافظة على مستواه المتدني الأخير.

ختاما، يحتفظ الاقتصاد الوطني بفرص واعدة، دفعت صندوق النقد الدولي إلى رسم مستقبل واعد له بإمكانية نموه بصورة حقيقة بحلول نهاية العام الجاري بنحو 2.6 %، سيرتفع إلى 6.0 % بنهاية 2025، مقترنا بمستويات متدنية جدا من التضخم بما لا يتجاوز 2.3 % حتى نهاية العام الجاري، وتراجعه أكثر إلى 2.0 % مع نهاية العام المقبل، إضافة إلى تمتعه بأدنى نسبة للدين العام إلى الناتج المحلي بما لا يتجاوز 27.5 % خلال 2024-2025، واقترانه باحتفاظ المالية العامة بمستويات ممتازة من الاحتياطات المالية، التي تدعم استقرار الاقتصاد الوطني والعملة الوطنية.

 

 

 

 

نقلا عن الاقتصادية