أظهرت أحدث وأبرز مؤشرات أداء الأسواق المحلية خلال الأيام الأخيرة، تنازلها عن كافة المكاسب التي حققتها منذ مطلع العام الجاري، حيث سجل المؤشر العام لسوق الأسهم المحلية مستوى أدنى من نهاية العام الماضي بـ1.1%، بعد أن كان قد سجل ارتفاعاً منذ مطلع العام الجاري وصل إلى 7.3% في 21 مارس 2024، ولحق به مؤشر البورصة العقارية الذي تراجع بنهاية الأسبوع الماضي إلى أدنى من مستواه في نهاية العام الماضي بـ0.1%، بعد أن كان قد سجل ارتفاعاً منذ مطلع العام الجاري وصل إلى 1.2% في الرابع من أبريل 2024ـ يقف عديد من العوامل الأساسية خلف تراجعات تلك الأسواق، لعل من أبرزها خلال الفترة الراهنة استمرار ارتفاع أسعار الفائدة محلياً، واستقرارها عند أعلى مستوياتها منذ نهاية يناير 2001 (بلغ سعر فائدة الإقراض بين البنوك المحلية لفترة 3 أشهر 6.3% مطلع الأسبوع الجاري)، إضافةً إلى تأهب الأسواق لدخول موسم الصيف الذي عادةً ما يقترن بركودٍ جزئي للسيولة، والتأكيد أيضاً على العامل الإستراتيجي طويل الأجل ممثلاً في تنوّع واتساع فرص الاستثمار المحلية، التي تسهم بشكلٍ رئيس في اجتذاب السيولة والثروات محلياً ومن خارج الاقتصاد المحلي، وتقدّمها خطواتٍ نحو المنافسة على السيولة مقابل سوقي الأسهم والعقار، وهو الأمر الذي لم يكن بهذا الحضور اللافت طوال عقودٍ زمنية مضت.
وكونه وليد التحولات الكبيرة جداً التي يشهدها الاقتصاد الوطني تحت مظلة الإصلاحات الشاملة والواسعة لرؤية السعودية 2030، وهو الأمر الذي يؤكّده استمرار نمو السيولة المحلية بكافة مقاييسها، حيث ما زال النمو السنوي لعرض النقود بمفهومه الواسع ن3 مستقراً عند 7.3% مع منتصف الشهر الجاري، والنمو السنوي لعرض النقود ن2 مستقراً عند 9.3% لنفس الفترة، ما يشير إلى توافر مستوياتٍ جيدة من السيولة المحلية في الاقتصاد الوطني، على الرغم من استمرار ارتفاع الفائدة، وأنّ التوازن بين تلك المتغيرات وقدرة الاقتصاد والأسواق المحلية على التكيّف قائمٌ ومتحقق، وما استقرار التضخم عند مستوياتٍ متدنية لم تتجاوز 1.6% بنهاية أبريل الماضي، إلا أحد أهم مؤشرات ذلك التوازن رغم التقلبات الآنية التي تشهدها الأسواق المحلية، وأنّ الاعتبارات الموسمية قد يكون لها التأثير الأكبر خلال الفترة الراهنة، وسرعان ما سيزول أثرها خلال الفترة القصيرة المقبلة.
أظهر الاقتصاد الوطني عموماً، والأسواق المحلية على وجه الخصوص قدرةً جيدة على امتصاص الضغوط الناتجة عن ارتفاع تكلفة التمويل كأبرز المؤثرات المحلية، وأظهر أيضاً قدرةً مقبولة على التكيف مع المتغيرات غير المواتية في الاقتصاد العالمي، الذي تختص أروقته بتداعيات السياسات المتشددة للبنوك المركزية لمواجهة التضخم الراسخ في أكبر الاقتصادات حول العالم، إضافةً إلى الصراعات الجيوسياسية وآثارها العكسية في التجارة العالمية، وكل ذلك لم يغيّر كثيراً من استقرار تدفقات الاستثمار الأجنبي على الاقتصاد الوطني، ولم يغير في نظرةٍ أوسع من التوقع الإيجابي لنمو الاقتصاد خلال العامين المقبلين بتوقع نموه خلال 2024 بـ2.6% ونحو 6% بنهاية 2025، ضمن مستوياتٍ متدنية للتضخم لا تتجاوز 2.3% خلال 2024 ونحو 2% بنهاية 2025.
غالباً ما يعني تراجع الأسواق قصير الأجل في ظل متانتها المستمدة من متانة الاقتصاد؛ تشكّل فرص جديدة للمستثمرين، مدعومةً بالثقة بها وبعديد من المؤشرات الإيجابية الراسخة اقتصادياً ومالياً، وبالاستناد إلى استمرار قوة الإنفاق الحكومي على المشاريع الرأسمالية، وتنامي نشاطات الاقتصاد الوطني في ظل التحولات الراهنة بفضل رؤية السعودية 2030، ممثلةً في مبادراتها وبرامجها التنفيذية الجاري إتمامها على قدمٍ وساق الآن وخلال الأعوام المقبلة.
نقلا عن الاقتصادية
أبشركم العقار انهار 0.1%