قبل أن نحكم على الاستثمار المناسب في أي من الذهب والعقارات فإنه من المناسب التحدث عن الخصائص المشتركة بين هاتين القناتين متجردين مما يتداوله عامة المستثمرين، لا نستطيع اتخاذ القرار المناسب للاستثمار في الذهب أو العقارات بناءً على عواطفنا فلكل منهما خصائص تختلف عن الآخر، لذا علينا المقارنة بينهما بناءً على معطيات ومعلومات اقتصادية واقعية ومنطقية.
في حال الاستثمار في العقارات سيخبرك المستثمر أنه في وضع استثماري مناسب وجيد من حيث العائدات وتدفق السيولة، وذلك بناءً على الوضع الحالي من غير نظرة واقعية مسبقة لما سيحدث في المستقبل القريب أو البعيد. الاستثمار في العقارات، خاصة عقارات التأجير الذي يدر على المستثمر السيولة النقدية المستدامة، وعلينا ان نتذكر ما حدث لسوق العقارات بالولايات المتحدة في عام 2008م عندما برزت مشكلة الرهن العقاري وأثرت في قيمة العقارات وعوائدها، حيث انخفضت قيمة المنازل سواء المرهونة للبنوك أو غير المرهونة، أما ايرادات وعوائد الوحدات المستأجرة في الولايات المتحدة فقد ارتفعت بسبب عدد الذين طردتهم مؤسسات الرهن العقاري من منازلهم لعدم قدرتهم على سداد القروض وبالتالي ساهم ذلك في ارتفاع الطلب على الوحدات السكنية المرهونة للبنوك وغير المرهونة، نرى أن المستثمر في الوحدات السكنية المستأجرة قادر على سداد القروض لمؤسسات الرهن العقاري، ناهيك عن استفادته من المشكلة.
الذهب أقل تذبذباً من العقارات، لكنه بطيء الصعود وبنسبة متواضعة في معظم الأحيان. وإذا صعد ببطئ، فإن هبوطه سيكون بسرعة كما حدث عند ارتفاع أونصة الذهب قبل حوالي 15 عاما من 1300 دولار أمريكي إلى 1900 دولار عام 2008 خلال عدة شهور ليعود بسرعة عالية دون 1300 دولار، وكان ذلك في أقل من شهر ونصف ما علق نسبة كبيرة من المستثمرين في مستويات سعرية عالية بين 1600 - 1900 دولار متوقعين أن السعر سيبلغ 2500 دولاراً أمريكياً للأونصة لأنهم توقعوا من غير مصادر علمية موثوقة.
الاستثمار في الذهب قرار استراتيجي بعيد الأجل بينما الاستثمار في العقار يتصف في معظم الحالات بالمدى القصير، وكثرة التدوير ليجني المستثمرون الأرباح عند بيعه، وهذا ما حصل في سوق العقارات السعودية التي تضخمت بسبب التدوير من غير تطوير، باختصار الاستثمار في الذهب خيار مناسب في الأجل الطويل لأنه اقل تذبذباً وأكثر طلباً استثمارياً.
أرى ضرورة التنويع الاستثماري في الذهب والعقارات بمعادلة متوازنة بعد استشارة المتخصصين في مجال الاستثمارات، وعلى المستثمر أن يقرأ الظروف الاقتصادية والسياسية الإقليمية والعالمية ليكون قراره مدروساً ومبنياً على معلومات كافية من مصادر موثوقة، وعلى المستثمر أن يحدد مدى حاجته للسيولة النقدية ليقرر بناء عليها الاستثمار في الذهب أو في العقار.
نقلا عن اليوم