تعدين بيتكوين .. هل ستنتهي اللعبة؟

21/04/2024 3
د. فهد الحويماني

تبقى نحو 1.3 مليون قطعة بيتكوين ليكتمل العدد النهائي من تلك العملة المشفرة عند 21 مليون قطعة، حيث من البداية كانت الخطة أن يتم تقليص عدد القطع التي يتم تعدينها بالنصف كل أربع سنوات تقريبا، ما يعني أنه بعد نحو 120 عاما من الآن سيتوقف استخراج قطع بيتكوين من المناجم، إن صح التعبير، ومع ذلك قد يتوقف جدوى التعدين قريبا. المشكلة أن هناك شركات استثمرت مليارات الدولارات في عمليات التعدين عن بيتكوين وهي تعلم أن عدد القطع التي يمكن استخراجها يتناقص بالنصف كل أربع سنوات تقريبا، فما مصير تلك الشركات؟ وما مصير سعر العملة؟، معظم شركات تعدين العملات المشفرة تعتمد على بيتكوين في تحقيق مكافآت التعدين التي أصبحت الآن 3.125 قطعة بدلا من 6.25 وذلك مقابل كل محاولة ناجحة لفك تشفير حزمة العمليات المراد تضمينها في السجل العالمي للعملة، وهي عمليات بيع وشراء العملة التي يتم جمعها في حزمة واحدة بالمتوسط كل عشر دقائق.  فعندما تكون هناك حزمة من العمليات جاهزة للإدراج في سجل بيتكوين العالمي تقوم أجهزة التعدين بالتنافس فيما بينها لفك التشفير الملحق بالحزمة، وعندما يتم ذلك تضاف الحزمة إلى السجل العالمي، وقد كانت الجهة الفائزة - إلى يوم الجمعة الماضي - تحصل على 6.25 بيتكوين، ما يعادل نحو 380 ألف دولار بأسعار اليوم.

هناك عدد كبير من الشركات المدرجة في الأسواق المالية المختصة في التعدين التي أصبحت تواجه تحديات كبيرة أدت إلى انخفاض أسعار أسهمها في الآونة الأخيرة، فحاليت يتم تعدين نحو 900 قطعة بيتكوين يوميا، يتم تقاسمها بين هذه الشركات، وانخفضت هذا الأسبوع إلى 450 قطعة، ما يعني أن عددا كبيرا من الجهات التي تقوم بالتعدين ستخرج من السوق كون تقاسم قطع المكافأة لن يكفي لتغطية التكاليف التشغيلية لهذه الشركات. كمثال، واحدة من أكبر الشركات المدرجة، ماراثون ديجيتال، لديها 230 ألف جهاز تشفير تقوم بإجراء 29 مليون تريليون عملية محاولة لفك التشفير في الثانية، والرقم 29 مليون تريليون يعني 29 وإلى يمينه 18 صفرا، وهو عدد محاولات فك التشفير في الثانية، أو hashing، وهي العملية التي يقوم فيها الجهاز بتخمين مفتاح فك التشفير لحزمة العمليات المراد اعتمادها في السجل العالمي التي تتم بالمتوسط كل عشر دقائق لاعتماد نحو ألفي عملية بيع وشراء باستخدام بيتكوين. في المجمل هناك نحو 730 مليون تريليون محاولة في الثانية تقوم بها أجهزة التعدين حول العالم، 20 % منها تأتي عن طريق الشركات المدرجة، ما يعني أن 80 % من المحاولات تأتي من أجهزة شركات غير مدرجة أو أفراد أو جهود جماعية أخرى. الشركة في هذا المثال لديها رصيد من العملات المكتسبة بعدد نحو 14 ألف بيتكوين، بسعر اليوم قيمتها نحو 900 مليون دولار، علما أنها تبيع بعضا منها بين الحين والآخر.

من المهم عدم الخلط بين انخفاض مكافأة التعدين بالنصف وسعر بيتكوين، فهذه لا تعني نقصا في عدد بيتكوين وبالتالي ارتفاع سعر العملة، بل إن العدد الإجمالي لقطع بيتكوين يتزايد يوميا بنحو 900 قطعة، تنخفض بالنصف كل أربعة أعوام تقريبا.  شركات التعدين لن تنقرض فهي في الواقع تمارس أدوارا مهمة في تشغيل السجل العالمي لبيتكوين، حيث تقوم برامجها بالتحقق من صحة العمليات وإدراجها في السجل العالمي، وستستمر في تحقيق إيرادات مقابل هذه الخدمات، ولكن لا شك أن عددا كبيرا من شركات التعدين ستختفي أو يتم شراؤها من قبل الشركات الكبيرة التي بدورها ستحاول خفض تكاليف التعدين، التي تصل بعد خفض المكافأة بين 20 ألف و40 ألف دولار لتعدين قطعة واحدة، لذا في حال انخفاض سعر بيتكوين لما دون هذا النطاق فلن تجدي عمليات التعدين. ومع ذلك هذه الشركات لديها خطط لخفض تكاليف الطاقة بعدة طرق ابتكارية، وأهم من ذلك أنها تراهن على استمرار ارتفاع سعر العملة، حيث حتى مع انخفاض عدد قطع المكافأة سترتفع قيمة المكافأة بشكل كاف لعدة أعوام مقبلة.

 

 

 

 

نقلا عن الاقتصادية