قبل أسابيع أعلن عن تمديد مدة تنفيذ بعض المشاريع الحكومية وكذلك تأجيل بعضها وهو إجراء طبيعي يتم مع مراجعة العديد من العوامل ذات العلاقة بتنفيذها منها الحيز المالي بحيث يكون متوازناً بما لا يسمح بأن يتركز التمويل بنسبة كبيرة على تلك المشاريع العملاقة ويؤثّر بذلك على احتياجات القطاع الخاص والاستهلاكي ولكن هناك أيضاً عاملاً مهماً وهو حجم الطاقة الاستيعابية في الاقتصاد أي ما ينتج محلياً لتلبية طلب تلك المشاريع من السلع والخدمات بحيث يتم دائماً تحقيق توازن بنمو الإنتاج المحلي وقدرة القطاع الخاص على تلبية الطلب المستمر بالاقتصاد وتقليل الواردات كما أن حالة عدم اليقين بالاقتصاد العالمي تستدعي الحذر دائماً من تقلبات أسواق السلع وعلى رأسها النفط والطاقة ومشتقاتها عموماً إضافة للحفاظ دائماً على سياسة تجنيب جزء من الفوائض المتحققة لصالح الاحتياطي المالي العام لمواجهة أي تحديات اقتصادية دولية مستقبلاً، فكلما نما الاقتصاد زادت الحاجة لرفع نسبة الاحتياطي وهو ما يتم العمل عليه من خلال وضوح الخطط الحكومية وبرامج الرؤية لتطوير القطاع المالي وجذب الاستثمارات والاستدامة المالية.
فالتمويل عامل يمكن وضع عشرات الحلول لتغطية الاحتياج له مع الوضع القوي للمالية العامة للدولة وكذلك الاقتصاد فالدين العام منخفض جداً والتصنيف الائتماني مرتفع والنظرة المستقبلية للاقتصاد مستقرة وإيجابية وأسعار النفط تبقى بمعدلات مريحة إضافة إلى جاذبية الاقتصاد للمستثمرين المحليين والأجانب، وكذلك عمل برامج عديدة ساهمت بزيادة ضخ الاستثمارات وانعكس ذلك بشكل واضح من خلال انخفاض معدل البطالة لرقم قياسي جديد 7.7 بالما ئة رغم أن المستهدف هو 7 بالمائة عام 2030 أي أننا قريبون منه قبل سبع سنوات من التاريخ والنسبة المستهدفة وأهمية مؤشر البطالة تتلخص بأنه يوضح نجاح خطط النمو وأنها تسير بالشكل الإيجابي الذي ينعكس على المجتمع بزيادة التوظيف وفرص الاستثمار وزيازة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي وغيرها من المنافع.
لكن بما أن مشاريع الرؤية والإنفاق الحكومي عامةً يعد العامل الأساسي بالتنمية والطلب المحلي فإن طبيعة الأسواق بكافة جوانبه من أسهم وعقارات وسلع وخدمات أن تتوقع نمو الطلب فتبدأ بالتفاعل مبكراً مع توجهات النمو وتكون هذه الارتفاعات منطقية لأنها متلازمة لأي نمو اقتصادي صحي يتحقق في أي دولة كما هو حال الاقتصاد المحلي لكن هناك أيضاً مبالغة تحدث بتقديرات المتعاملين بالسوق فيرفعون الأسعار بناءً على تقديرات مفرطة بالتفاؤل لكنها بالحقيقة هي استثمار لفرصة النشاط الاقتصادي القائم والمتوقع وهذا ما يبدأ بصناعة الفقاعة السعرية، فحربة السوق متاحة في اقتصاد تنافسي كنهج وتوجه لكن الأخطاء التي يقع بها المتعاملون بالسوق بشتى المجالات تتركز دائماً في المبالغة بالتفاؤل أو التشاؤم فالحالتان سلبيتان عليهم وتخرجان عن إطار التوقع والتقدير الصحيح لمعدل الطلب الواقعي فمن يبالغون بأسعار أصولهم أو سلعهم أو إيجارات ملكياتهم هم يؤسسون لعزوف عن التعامل معهم سيأتي عندما يقول السوق كلمته بوضوح تام لمعدل الطلب وتقديرات النمو المعتدل والمتوازن للاقتصاد بما يتناسب مع الاحتياجات والقدرات التي تحقق أفضل النتائج وتخلق تنمية مستدامة دون أي ضغط على معدلات التضخم بما ينعكس على تغيير بالسياستين النقدية والمالية، لأن هذا العامل له سلبيات كبيرة وهو ما تعاني منه دول عديدة بعد جائحة كورونا وعلى رأسها الاقتصادات الكبرى مثل أميركا وأوروبا.
السوق على موعد مع تقييم جديد للأسعار وسيتم تصحيحها إما للانخفاض لكل ما بولغ فيه أو للارتفاع لكل ما سيكون عليه الطلب أكثر من غيره وهي حالة منطقية وطبيعية في أسواق الاقتصادات التي تتقدم بالأنظمة والتشريعات والقيام بالمراجعات الدورية لكي يبقى النمو الاقتصادي بأفضل حالاته وانعكاساته الإيجابية من توظيف وجذب استثمارات وسيطرة على التضخم مع نمو بالعرض والإنتاجية المحلية ليتحقق معه أهداف عديدة تزيد من فرص الاعتماد على الداخل وتقليل الواردات وتوطين الصناعات والخبرات.
نقلا عن الجزيرة