معروف أن الدولار -عبر عقود- مهيمن عالميا، أي العملة الدولية رقم 1، لكن أهمية ونسبة حجم الاقتصاد الأمريكي إلى الاقتصاد العالمي، وتبعا هيمنة الدولار في نزول, هناك توجه من دول كبرى، على رأسها روسيا والصين، نحو التخلي المتدرج عن التعامل بالدولار، ما المقصود بالعملة الدولية؟
عملة تملك ثلاث خصائص: أولا: استخدامها في التجارة الدولية، وثانيا: في إصدار السندات، وثالثا: تحتفظ بها دول كثيرة احتياطيات رسمية. وأشهر مثال الدولار الأمريكي، وصول عملة إلى هذه المكانة، لا يعني أنها في مأمن من المشكلات، بل قد تجرها تلك الهيمنة إلى سلوكيات تضعف من قوتها مع مرور السنين، توصل مؤلفون كثيرون إلى أن العملات الدولية كالدولار أضعف مما يتوقع كثيرون. وهي ليست المرة الأولى. فقد أظهرت بحوث أن الدولار حاول اللحاق بالجنيه الإسترليني كعملة احتياط أواخر الربع الأول من القرن الميلادي الماضي، ثم تعرضت أهمية الدولار لنزول قبيل الحرب العالمية الثانية. وتم اتخاذ خطوات للحد من هذا النزول، تأسس بنك أمريكا المركزي، أي مجلس الاحتياطي الفدرالي المعروف اختصارا بـ"فد" 1913، وبعد تأسيسه، دخل الدولار منافسة قوية مع الجنيه الإسترليني خلال حقبة ما بين الحربين العالميتين.
ربما كانت أهم التطورات في العملات ابتداء من النصف الثاني من القرن الميلادي الماضي تدهور أهمية الجنيه الإسترليني، وصعود ثم هبوط الين الياباني، ودخول اليورو الحلبة بصورة ثانوية، وصعود العملة الصينية اليوان (رنمبي)، أسهمت سياسة "فد" بشراء سندات بكميات كبيرة (تمويل ديون الحكومة الأمريكية مثلا) في زيادة أهمية الدولار. ومن أهداف العملية تمويل صادرات وواردات أمريكا، هذا التمويل يحرك السيولة الدولارية، وهذه السياسة جعلت "فد" يدعم العملية أكثر، التي تعد من قبيل IOUs التي يمكن أن تترجم بإني مدين لك، لكنه دين غير قابل للمقاضاة، بتتبع تاريخي لاحتياطيات البنوك لمعظم سنوات القرن الـ20، يلاحظ أن الاحتياطيات لم تنفرد بها عملة واحدة. فقد توزعت الاحتياطات بين الدولار والجنيه الإسترليني. أما قبل الحرب العالمية الأولى، فقد كانت الهيمنة للجنيه، لكن كانت هناك أهمية أيضا للفرنك الفرنسي والمارك الألماني، وقد سمح ضعف وجود منافس للدولار خلال النصف الثاني من القرن الـ20، سمح أو أعطى فرصة لهيمنة الدولار. هذا الضعف تعرض لاهتزازات حديثا. من أهم أسبابها الصعود الاقتصادي للصين ودول أخرى من مجموعة العشرين.
الأحداث السابقة تعني أن هيمنة الدولار كاحتياطي في نزول. نزول يجبر الدولار أن يتنازل عن بعض أهميته لليوان الصيني واليورو. ويرى المؤلفون أن سرعة حدوث ذلك له علاقة بالسياسات الخارجية الأمريكية، وتطورات علاقة أمريكا بدول كبرى خاصة، وهنا مرئيات من أحد مؤلفي الكتاب في محاضرة نظمت قبل نحو عقد من الزمن في بريطانيا:
يرى أن الظروف قبل التطورات التقنية الأخيرة، تخدم هيمنة عملة واحدة. لكن التطورات التقنية المالية سهلت عملية التنقل بين أكثر من عملة. أي أن ذلك كان أصعب في الماضي.
ويرى أن سرعة التغيرات تعتمد على طبيعة السياسات للفترة المقبلة. من الأمثلة مدى حدوث حرب تجارية أو رفض الكونغرس لرفع سقف الدين. هي تعتمد أيضا على نظرة الناس إلى مدى الأمان والثقة في سندات الخزينة الأمريكية، أو مدى شكهم بمستوى الأمان في اليوان الصيني. لكن فقد الثقة في سندات الخزينة الأمريكية له ثمن. البدائل فيها عيوب، والنتيجة حصول نقص سيولة عالميا.
نقلا عن الاقتصادية
ماشاء الله ياد. صالح مقال جميل وممتع وثري . واسمح لي أبدي رأيي بما أنك عنونت مقالك بتساؤل . لا أعتقد أن الأفراد أو حتى الدول تستطيع الاستغناء عن الدولار ( حتى لو سعت بعض الدول في سبيل ذلك ) . وخذ هذا المثال البسيط قبل سنتين أو ثلاثة اتفقت روسيا والهند على استخدام العملة المحلية لكلا البلدين في التبادل التجاري بينهما والتخلي عن الدولار . المحصلة في نهاية العام من هذه التجربة تورط البلدان بعملة الآخر خصوصاً روسيا تورطت بمليارات الروبية الفائضة عن تجارته مع الهند تملأ البنك المركزي الروسي ولا يجد من يقبلها كعملة شراء دولية مع شركاء آخرين ( غير الهند ) فاضطر الى تحويلها الى الدولار واليورو ! وبالأخير المشروع فشل ! ( المعلومة هذه موجودة لدى اليوتيوبر الإقتصادي أشرف إبراهيم وبالأرقام والتواريخ ) ومثال آخر وزير النفط الهندي صرح في قمة البريكس في جنوب أفريقيا بأنه( لايمكن ) بيع النفط بغير الدولار . ولا ننسى أن اليورو عندما خرج للعالم من دول أوربية اقتصادها يمثل ربع اقتصاد العالم ( عجز ) عن زحزحة الدولار عن عرشه ! وأخيرا" ، اسألك بالله يا د. صالح لو عزمت ( مثلاً ) السفر الى البرازيل أو الهند أو حتى الصين فماهو الكاش الذي ستحمله في محفظتك غير البطاقات ؟! وأخيراً أستاذي الدكتور صالح ،
ماشاء الله كلام جميل جدا يادكتور ولكن يا دكتور الدولار كسب قوته وهيمنته من قوة الاقتصاد الأمريكي الذي ينتج من شطة كرستال والخس الأمريكي مايعادل ميزانية بعض الدول ناهيك عن باقي الأنشطة من التقنية الرقمية للتعليم لعلوم الفضاء للصناعات الحربية من المسدس للقنبلة الذرية لصواريخ تحمل الرؤوس النووية للدبابات ومركبات الفضاء وغيرها الدولار كسب أهميته لأن صادر من تحت توقيع البنك الأمريكي وإلا المليون دولار ( المزور ) في لبنان في أقل من ٥٪ من قيمة المليون دولار الذي يحمل التوقيع والرقم والكود للبنك الأمريكي