شهدت منظومة الاستثمار العقاري في السعودية تطورات متعددة في الأعوام الأخيرة لزيادة تمكين الاستثمار العقاري وتنظيمه بشكل أكثر فاعلية وأمانا. أسهمت هذه التحديثات في نماء صناعة العقار في إطار تنظيمي وتشريعي من شأنه حماية حقوق المستثمرين في القطاع، شهدت صناعة الصناديق العقارية بأشكالها كافة تطورا ملموسا من حيث نوعيتها ومخرجاتها وحتى الكوادر التي تديرها. جاء الإقبال على الصناديق العقارية من الأطراف الثلاثة المهمة والمستفيدة من إنشاء هذه الكيانات، وهي: المستثمرون، ملاك العقارات، والمطورون العقاريون، كما أن التقنية المالية كذلك لعبت دورا في زيادة إقبال المستثمرين على الصناديق العقارية. دفع هذا الإقبال بصناعة الصناديق العقارية إلى النمو بمعدل 33 % منذ عام 2019 وقفز عدد الصناديق إلى ما يتجاوز 350 صندوقا عقاريا وبحجم أصول مدارة تتجاوز 170 مليار ريال حتى نهاية الربع الثالث 2023.
ضمن رحلة التطور في سبل وآليات الاستثمار العقاري في السعودية، طورت منظومة تداول سوق مستقلة للصناديق العقارية المتداولة، التي أصبحت تضم الآن 19 صندوقا عقاريا متداولا REIT في مختلف أنواع العقارات المدرة للدخل، بحيث تتيح هذه الصناديق عوائد دورية للمستثمرين فيها، وتعد الصناديق العقارية المتداولة أحد الخيارات الاستثمارية واسعة الانتشار بشكل عالمي، صناعة تتجاوز قيمة الأصول المدارة فيها تريليوني دولار من أصل سوق عقارية عالمية يتوقع أن يتجاوز حجمها 13 تريليون دولار في المستقبل القريب، كقيمة للسوق العقارية المدارة بشكل مؤسسي محترف. رغم تطوير سوق الصناديق العقارية المتداولة إلا أنها مقارنة بالسوق العالمية لا تزال تتداول بخصم من حيث القيمة، مقارنة بمعدل التوزيعات العالمي، الذي انخفض جراء تغير تكلفة الإقراض بسبب تغير أسعار الفائدة، وكذلك جودة أصول صناديق دون أخرى، وهذا أمر طبيعي في سوق متنوعة.
سلسلة من التغيرات مرت بها السوق العقارية في السعودية من حيث آليات التعامل من التقليدية إلى الاحتراف، وبطبيعتها كصناعة فهي قريبة بشكل كبير إلى أنفس الأفراد مستثمرين ومدخرين، ولأنها صناعة تتطور بشكل كبير أصبح لزاما على الجهات التنظيمية والتشريعية بناء تشريعات تمتلك القدرة على حماية الحقوق، ببناء منظومة متكاملة تستوعب الشرائح كافة. في ظل الإقبال الكبير على الصناديق العقارية التطويرية في الأعوام الأخيرة أصبح تشغيل صناديق ذات أحجام صغيرة عبئا يصعب على الشركات المالية تحمله على الأقل من منظور الأعمال. وهذا من شأنه صنع فجوة لشريحة لن تكون مخدومة في منظومة محترفة خصوصا تلك المشاريع التي تقل قيمتها عن 100 مليون ريال، أو تلك التي لا تحتاج إلى تمويل بنكي، ولتفادي هذه الفجوة أو إيجاد ثغرات في سوق المساهمات العقارية والاستثمار العقاري جاء الإعلان عن المساهمات العقارية بالتنظيمات الجديدة تحت مظلة هيئة السوق المالية والهيئة العامة للعقار، سيحفظ هذا التنظيم للمستثمرين في العقار سجلهم الاستثماري وحقوقهم المالية، حيث أصبح من المتاح تأسيس مساهمات عقارية خاصة أو عامة، بحسب التشريعات الجديدة وبقيم استثمارية مختلفة ستعزز من مساهمة الأفراد في الاستثمار العقاري، وسط بيئة آمنه للحقوق، بغض النظر عن تحديات السوق، وأكثر شفافية ووضوحا، كذلك سيوجد هذا النظام آلية إضافية لتمويل وتطوير مشاريع عقارية أصغر حجما من تلك التي تطورها الصناديق. تقدر الهيئة العامة للعقار أن يبلغ نمو حجم السوق العقارية 350 مليار ريال بمعدل نمو سنوي 7.9 %، ولضمان سوق تنمو بهذا الحجم ومرتبطة بسلسلة كبيرة من القطاعات المساندة وذات العلاقة، أصبح من المريح تقييد القطاع بأنظمة تدعم هذا النمو.
نقلا عن الاقتصادية