الإجابة دائما نعم، لكنها مشروطة، قبل أعوام عدة ساد إجماع بين الدوائر الاقتصادية، خاصة في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أن الاتجاه "المقدس" دائما في الدعوة للنمو، الذي غالبا ما يعبر عنه من خلال الدخل القومي الإجمالي-GDP، حيث إن النمو كفيل بالتعامل مع جميع التحديات الاقتصادية الاعتيادية، مثل: البطالة والدين وتحسن مستوى المعيشة، جاء في بالي التعليق لما رأيت أرقام نمو الدخل للسعودية لعام 2023، حيث سجلت انخفاضا للعام يقدر 0.9 %- أي أقل من 1 %، مقارنة بنمو في 2022 بلغ 8.7 %. مصدر التذبذب الحاد نسبيا كان بسبب انخفاض الدخل النفطي لتراجع الأسعار ونقص الإنتاج الطوعي تماشيا مع سياسة "أوبك+"، لن أدخل في عيوب GDP كمعيار، لأن هذا موضوع تجريبي وبحثي طويل، لذلك سأركز على "المشروط" في توظيف أرقام GDP، لا شك أن النمو الاقتصادي دائما مهم، لكنه لا يكفي لتفسير ما يجري في الاقتصاد من خلال رقم واحد لعام واحد، خاصة حين يمر الاقتصاد بتحول معتبر كما في حال السعودية. مركزية النفط أو أي سلعه أولية في الاقتصاد تجعل أرقام النمو تعتمد حتما على الدخل- كما و سعرا، إذ انخفض الدخل النفطي بنحو 9 % للعام الماضي.
في حال المملكة، هناك توجه واضح لتقليل الاعتماد على دخل النفط، و لذلك ربما الرقم الأهم في توجهات النمو تلك التي تخص الدخل الإجمالي غير النفطي، للعام نفسه سجل هذا الجزء من الدخل نحو 5 % أعلى من أغلب دول مجموعة العشرين، هذه المقارنة في نظري مهمة، لأن أغلب دول المجموعة لا تعتمد على السلع بقدر اعتماد المملكة على النفط. لكن هناك نواح جوهرية في الموضوع تجعل GDP أقل أهمية للدول النامية. فكلما قل التنوع والعمق الاقتصادي قلّت أهمية الرقم، لأن الرقم الإجمالي منطقي يحاكي المتوسط، والمتوسط رقم لا يفيد غالبا في رصد التحولات الجزئية المهمة أثناء عملية التحولات الاقتصادية. فمثلا لو سجل القطاع الصناعي أو أي قطاع آخر مستهدفا للنمو والتطوير بنسبة مؤثرة ولكن حجمه في الاقتصاد صغير فلن يؤثر كثيرا، لأعوام، عيوب GDP معروفة حتى للدول الأوسع والأعمق اقتصاديا، نحن لا نعيش وحدنا، لذلك لابد أن نهتم بالمؤشرات التقليدية. لكن هناك حاجة لمؤشرات خاصة لتتبع ومراقبة التوجهات والتطورات في الاقتصاد السعودي.
البعض يهتم بما تذكر المؤسسات الدولية والتراتبية لبعض الفرعيات التي ترد من بعض الجهات الدولية، وكأنها بديل لقياسات خاصة للاقتصاد الوطني، هناك حاجة لمؤشرات جديدة تركز على نواح متنوعة بحيث تتعامل مع المال، لأن الطابع المالي في الاقتصاد السعودي لا يزال مهما وسيستمر، كذلك هناك نواح تخص القيمة المضافة، وأخرى النواحي البشرية، فمثلا في المال، أجد أن تحويلات الوافدين مؤشر ضروري و قياس العجز أو الفائض المالي كنسبة من الدخل غير النفطي، كذلك الاستثمار في الصناعة والتصدير وعلاقته مع الاقتراض، في النواحي البشرية أجد أن دور المواطن في النواحي الفنية -خاصة لغير خريجي الجامعات ورواتبهم- مؤشر مهم، كما أجد أن تقليص طلاب الجامعات والتركيز على الجودة والمنافسة العالمية معيار مفصلي.
هذه بعض المؤشرات وغيرها التي تحتاج إلى بحث وتطوير لكي نقف على المفاصل والأجزاء من سلسلة القيمة المضافة التي لا تتعامل معها أرقام الدخل القومي الإجمالي الفضفاض.
نقلا عن الاقتصادية
إذا ارتفع الـ GDP فهذا دليل على عبقرية اقتصادية و حنكة إدارية. إذا انخفض الـ GDP " فلن أدخل في عيوب GDP كمعيار ". و يصبح الـGDP " لا يكفي لتفسير ما يجري في الاقتصاد من خلال رقم واحد لعام واحد ".
نمو GDP في حال المملكة قد يأتي منعدة مصادر ،و لكن اهمها في ارتفاع عوائد دخل النفط و هذه تخضع لمعلمات السوق اكثر منها اي جهود عامة.