العوامل الاقتصادية المؤثرة في مزيج الطاقة: العامل المنسي

20/11/2023 0
د. إبراهيم بن محمود بابللي

هذه هي المقالة السادسة في سلسلة مقالات المزيج الاقتصادي للطاقة، وتهدف إلى بحث دور وأهمية محددّ القيمة الاقتصادية المضافة عند استخدمه في صياغة مزيج الطاقة، مع سَوْقِ بعض الأمثلة لتوضيح المقترح، عند ركوب الطائرة من الرياض إلى جدة، أو العكس، نجد نوعين من الطائرات تستخدمهما الخطوط السعودية على هذا الخط: النوع الأول طائرات كبيرة ذات ممرين في مقصورة الركاب (Wide-body) والثاني طائرات صغيرة ذات ممر واحد في مقصورة الركاب (Narrow-body). الطائرات الأكبر حجما والأكثر عددا لمقاعد الركاب تُستخدم في الأوقات التي يكثر فيها المسافرون، في حين تستخدم الطائرات الأصغر حجما في الأوقات التي يقل فيها المسافرون. نلاحظ الشيء نفسه على الرحلات الدولية إلى لندن وفرانكفورت، على سبيل المثال، حيث تستخدم الطائرات الكبيرة في خط لندن، والصغيرة في خط فرانكفورت.

السبب في استخدام طائرات بحجمين مختلفين مردّه الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة. إن المسافة المقطوعة لنوعي الطائرات هي نفسها، ولكن العائد من تشغيل الكبيرة أعلى إذا امتلأت بالركاب، مع أن تكلفة تشغيلها أكبر، إذا قارنّا بين مصدرين من مصادر توليد الطاقة، مثل الموارد الهيدروكربونية والطاقة المتجددة على سبيل المثال، سنجد اختلافا في كثافة الطاقة وفي توافرها عند الطلب، وهذا ينعكس على تكلفة الكهرباء المنتجة منهما، ولكن في الغالب لا تؤخذ القيمة المضافة للاقتصاد، والناتجة عن استخدام الطاقة في قطاعات مختلفة، في توجيه الكهرباء المنتجة من مصدر معيّن إلى مستهلك معيّن. إن المقترح في هذه المقالة هو النظر في مردود استخدام الكهرباء في القطاعات المختلفة، ومن ثم اعتبار هذا المحدد أحد مدخلات بناء مزيج الطاقة، إن جزءا كبيرا من الكهرباء المنتجة في العالم تأتي من الغاز الطبيعي، والسؤال المطروح هو: هل القيمة الاقتصادية المضافة من استخدام الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء لا تختلف من قطاع لآخر؟ إن الإجابة على هذا السؤال ستساعد على صياغة مزيج للطاقة قيمته الاقتصادية المضافة أعلى.

ثم لنطرح سؤالا عن توليد الطاقة الشمسية من الألواح الكهروضوئية: هل استيراد ألواح شمسية ثم بناء محطات ضخمة، قليلة العدد، في أماكن محدودة في المملكة، هو الخيار الأمثل اقتصاديا عندما يكون عنصر المقارنة الرئيس هو القيمة الاقتصادية المضافة؟

إن محطات توليد الكهرباء الصغيرة والمتوسطة من الطاقة الشمسية الكهروضوئية أغلى، من حيث تكلفة إنتاج الكهرباء مقاسة بالكيلو وات ساعة، من المحطات الضخمة قليلة العدد. ما نقترحه في هذه المقالة هو إضافة محدد القيمة الاقتصادية المضافة لمقارنة خيارات توليد الكهرباء من محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، بنوعيها الضخم وقليل العدد، والصغير والمتوسط الموزع على مختلف مناطق المملكة، إن استخدام مُحدّد القيمة الاقتصادية المضافة في اختيار أماكن وحجم وتوزيع محطات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وليس التكلفة الأقل، قد ينتج عنه حراكا اقتصاديا في مناطق وقطاعات اقتصادية أخرى، ويولّد فرصا وظيفية أكثر، ويتيح المجال للشركات الصغيرة والمتوسطة في الدخول إلى هذا القطاع، وبالإضافة إلى الموازنة بين حجم محطة الطاقة الشمسية وبالتالي التكلفة المباشرة لإنتاج الكيلو وات ساعة، وبين القيمة الاقتصادية المضافة، قد يكون من المناسب دراسة أثر تطوير صناعة الطاقة الشمسية على القيمة الاقتصادية المضافة لاستخدام الطاقة الشمسية في المملكة، كأحد المدخلات في صياغة مزيج الطاقة.

إن استخدام مُحدّد القيمة الاقتصادية المضافة في صياغة مزيج الطاقة أمر مهم في اعتقادنا، لأن بعض مكونات مزيج الطاقة أكثر تكلفة من بعضها الآخر، سواء كانت التكلفة مباشرة أو غير مباشرة. ولهذا السبب فإن المواءمة بين مصادر الطاقة المستخدمة وبين القطاعات المستهلكة لهذه الطاقة ضرورية، لكي يؤدي مزيج الطاقة المقترح دوره في توفير الطاقة المطلوبة، ومعظّما – في الوقت نفسه – من القيمة الاقتصادية المضافة لتوليد الطاقة واستهلاكها.

 

 

 

خاص_الفابيتا