أوضح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع قناة فوكس نيوز الأمريكية، قبل أيام أنه يجري العمل على إنجاز بعض الأمور حتى النصف الأول من عام 2024، وبعد ذلك فإن الأمر الأساسي الذي نركز عليه هو الانتقال إلى مرحلة الاستعداد لرؤية 2040، والإعلان عنها في عام 2027 أو 2028، أي بعد حوالي أربعة أعوام وقبل عامين تقريباً من إنهاء رؤية 2030 التي تنفذ حالياً والتي تعد أكبر عملية تحول اقتصادي لدولة تتم في العالم وليس بالشرق الأوسط فقط وقد حققت الرؤية العديد من مستهدفاتها في منتصف مدة تنفيذها قبل الوقت المتوقع لها رغم التحديات التي واجهتها سواء التقليدية كأوضاع الاقتصاد العالمي غير المستقرة وتقلبات أسعار النفط أهم مصادر إيرادات الخزينة العامة والداعمة للمشاريع التنموية التي يجري تنفيذها بالإضافة للأحداث الجيوسياسية بالمنطقة والمستمرة منذ عقود إضافة للتحديات الاستثنائية وغير التقليدية المتمثلة بجائحة كورونا والتي مازال العالم يدفع ثمن فاتورتها بسبب التداعيات السلبية التي خلفتها في الاقتصاد العالمي ورغم كل ذلك فإن الرؤية تسير وفق ما خطط لها وتجاوزت كل هذه التحديات نتيجة الاستعداد المبكر للأزمات وسيناريوهاتها من قبل الدولة والأجهزة الحكومية وانعكس ذلك بتحقيق واحد من أعلى معدلات النمو الاقتصادي عالمياً في العام 2022 فقد كانت المملكة أيضاً الأفضل بين مجموعة العشرين أكبر منتدى اقتصادي عالمي.
ومن خلال ما ركزت عليه الرؤية الحالية والتي يفهم منها الانتقال بالاقتصاد والمجتمع إلى مرحلة تبدأ بعدها رؤية جديدة تقوم على ما بني خلال هذه الرؤية فإن المرحلة القادمة سيكون تركيزها على التنافسية عالمياً بقطاعات تعد هي الأكثر اهنماماً ونمواً عالمياً ففي رؤية 2030 نشطت قطاعات السياحة والترفيه بأسلوب عصري حديث والمشاريع السياحية التي تنفذ بالمملكة متقدمة ومتطورة جداً والهدف الوصول إلى 150 مليون سائح في 2030 نصفهم من الخارج مما يضع هذا القطاع في مستوى مرتفع من حيث تأثيره بالناتج المحلي ولا يقتصر ذلك على تهيئة المواقع السياحية وزيادة الغرف الفندقية بل يستكمل ذلك بتطور كبير بأنسنة المدن وخدمات النقل حيث أسست شركة طيران جديدة مع توسع بمشاريع النقل العام الحديثة داخل المدن الكبرى إضافة للقطارات بين المدن وكذلك النقل البحري إضافة للفعاليات الترفيهية الواسعة على مدار العام بكافة المناطق وكذلك النشاط الرياضي غير المسبوق بحجم توجهاته وتحويله لقطاع منتج يولد فرص عمل ويجذب استثمارات والجميع تابع كيف كان حديث انتقالات أفضل اللاعبين عالمياً لأندية المملكة حديث الإعلام عالمياً بل خشيت العديد من الدوريات الأوروبية الكبرى من المنافسة السعودية لها باستقطاب اللاعبين يضاف لذلك التركيز على قطاع الثقافة بكل انشطته، وفي مجال الصناعة فيعد نظام الاستثمار بالتعدين هو الأحدث والتركيز عليه واسع لجذب استثمارات في الصناعات النهائية للتكامل مع المنتجات البتروكيماوية التي تعد المملكة رائدة فيها بالعالم وتكللت أول الخطوات المهمة بهذا المجال بافتتاح مصنع لوسيد للسيارات الكهربائية بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية وتطمح المملكة لإنتاج 500 ألف سيارة سنوياً مستقبلاً والاستفادة من سلاسل الإمداد المحلية بالإضافة إلى التحرك نحو نهضة واسعة بقطاع النقل والخدمات اللوجستية والقطاع المالي خصوصاً بنشاط التقنية المالية وغير ذلك مما تحقق التحول له من نشاطات وقطاعات وتوزيع ذلك مناطقياً مع تشييد مدن واعدة بعضها سيكون له أثر واسع باقتصاد المنطقة العربية ومتصلة بالاقتصاد العالمي مثل مدينة نيوم.
فقد قال ولي العهد إن السعودية حريصة على التقدم والنمو، وإيجاد اقتصاد مزدهر، وأشار «سموه» إلى أن السعودية تسير في المسار الاقتصادي الصحيح، ونسعى إلى أن نكون في المراتب السبع الأولى، فذلك يعني انتقالاً من الترتيب الحالي عند المركز الـ 17 عالمياً وقد يكون ذلك من مستهدفات 2040، مما يعني بالضرورة مضاعفة الناتج الإجمالي لما يقارب ثلاثة تريليونات دولار وسيعتمد فعلياً على مواكبة العصر الحديث بالتحول الواسع نحو الاقتصاد الرقمي الذي يشكل حالياً قرابة عشرة بالمائة من الناتج الإجمالي عند حدود 400 مليار ريال ومن المعروف أن العالم يتحول سريعاً للاقتصاد الرقمي والمستهدف الوصول إلى ما بين 40 إلى 50 بالمائة في بحر العقدين الحالي والقادم والمملكة لن تبتعد عن هذه النسب ليكون اقتصادها ضمن أفضل اقتصادات العالم وقد تأسست بنية تحتية رقمية أثبتت نجاحها في تقديم جل الخدمات الحكومية وكذلك نجحت بأهم اختبار خلال جائحة كورونا كما أن الاستثمارات التي تضخ بقطاع التكنولوجيا والاتصالات تعد من الأكبر عالمياً للوصول لبنية تحتية تحقق أهداف التحول لاقتصاد رقمي سينعكس إيجاباً بجذب الاستثمارات وزيادة الإنتاج بكفاءة عالية وارتفاع في دخل الفرد فالأهداف واضحة بأن تكون التكنولوجيا لاعباً رئيسياً في النمو الاقتصادي في الرؤية القادمة.
فهناك تركيز على استخدامات الروبوتات والذكاء الاصطناعي والانتقال لتوطين التكنولوجيا وبرمجياتها في مجالات عديدة منها الالعاب الإلكترونية السوق الضخم جداً عالمياً حيث تم تأسيس هيئة لتنظيم الابتكار ودعمه مع صناديق تمويل تدعم كافة القطاعات والاستحواذ على حصص مرتفعة بشركات عالمية متخصصة بالتكنولوجيا الحديثة للأنشطة المستهدفة إضافة لقيام أغلب الشركات الكبرى بإنشاء إدارات متخصصة بالابتكار فالاتجاه العالمي للدول التي تبحث عن مكانة اقتصادية رفيعة المستوى في هذا القرن يقوم على الأبحاث والابتكار لتحقيق الاستقلال التكنولوجي عن الدول المتقدمة التي احتكرته لعقود فالرؤية القادمة ستحقق المستهدف بزيادة الصاردرات غير النفطية من 16 بالمائة حالياً إلى 50 بالمائة مستقبلاً وهذا يتطلب ارتفاعاً بدور المحتوى المحلي والاستفادة من كافة الإمكانيات من منتجات القيمة المضافة التي تتحقق من البتروكيماويات والتعدين وغيرها وكذلك من سلاسل الإمداد مع استقطاب كبرى الشركات العالمية للاستفادة من خبراتها وتوظيف كل وسائللتكنولوجيا الحديثة وتحويلها لأنشطة اقتصادية كاستخدامات الميتافيرس وكذلك التقنيات الحديثة في المجال الطبي والتعليمي وتحرير الاقتصاد عبر الخصخصة والنهوض بدور فاعل للقطاع الخاص.
عقدت المملكة شراكات مع كبرى الاقتصادات العالمية وأطلق قبل أسابيع مشروع الممرات الخضراء الذي أعلن عنه ولي العهد في قمة العشرين بالهند والذي يربط الشرق الأوسط بأوروبا والهند وما هذا المشروع إلا تأكيد على مسارات الاقتصاد السعودي القادمة بالإضافة للعلاقة مع كافة التكتلات والمنتديات الاقتصادية والتجارية العالمية فالرؤية القادمة تتنافس فيها المملكة مع الاقتصادات الكبرى والهدف تعظيم الصادرات في مجالات صناعية عديدة وتقنية والجذب السياحي وكذلك الدور المحوري الذي سيبقى قوياً وهو تصدير الطاقة بكل أنواعها مما يضع المملكة كإحدى أهم ركائز ودعائم النمو الاقتصادي العالمي وهذا يعني جذب استثمارات ضخمة وعلاقات وشراكات اقتصادية واسعة.
نقلا عن الجزيرة