في الـ28 من الشهر الجاري تنتهي فترة استقبال الملاحظات على مشروع قواعد احتساب معدل الفائدة السنوي الذي قام بطرحه البنك المركزي بهدف توحيد آلية حساب تكلفة التمويل لمختلف المنتجات التمويلية في المملكة. الفكرة الأساس من المشروع هي أن هناك حاجة إلى توحيد طرق احتساب الفائدة، وفي الوقت نفسه استخدام الطريقة الصحيحة لعرض نسبة الفائدة على العميل، والتخلص من الطريقة التقليدية الحالية، من المهم التأكيد على أن استخدام الطريقة الجديدة لمعدل النسبة السنوي بدلا من الطريقة التقليدية ليس له أي تأثير في تكلفة التمويل نهائيا، لأن الهدف من المشروع جعل نسب الفوائد المعلنة من قبل المؤسسات المالية متوافقة مع المعايير العالمية الصحيحة لاحتساب نسبة الفائدة المعلنة، بحيث تصبح المقارنة بين عوائد الأصول المتنوعة سليمة وخالية من أي مغالطات أو سوء فهم.
في مقال سابق ذكرت أن الحاجة إلى التخلص من الطريقة التقليدية أصبحت الآن ملحة أكثر من أي وقت مضى وذلك بعد ارتفاع معدلات الفائدة في الفترة الماضية، كون ذلك ينتج عنه تباين كبير بين النسبة الصحيحة والنسبة التقليدية، وأوردت مثالا لذلك عن إعلان أحد البنوك فائدة على تمويل عقاري بمعدل 3.65 في المائة باستخدام النسبة التقليدية، بينما هو في حقيقة الأمر 6.25 في المائة باستخدام معدل النسبة السنوي كما ينبغي. ومرة أخرى، لا يوجد فارق مالي على العميل سواء تم ذكر النسبة بهذا الشكل أو كذا، الإشكالية فقط تأتي في أن الطريقة التقليدية تبدو مضللة كونها توحي بتدني تكلفة التمويل مقارنة بما يسمع عنه في دول أخرى، ومقارنة بالعوائد المعروفة للعقار أو حتى الأسهم وغيرها من الأصول.
الخطوة التي اتخذها البنك المركزي مهمة وجريئة وتتماشى مع النقلات الكبيرة التي تشهدها البلاد على مستوى الأنظمة والقوانين ودقة العمل على وجه العموم، والأهم من ذلك أنها تزيل اللبس والتشويش عن معدلات الفائدة التي يتم التسويق لها من قبل البنوك والمؤسسات التمويلية. كيف يتم احتساب معدل النسبة السنوي؟ وهل يمكن للفرد العادي حسابه بالسهولة ذاتها التي يتم فيها احتساب معدل الفائدة التقليدية؟
لا شك أن طريقة حساب النسبة الجديدة أكثر تعقيدا من الطريقة التقليدية ليس فقط على الأفراد بل حتى على المؤسسات المالية، ولذا قام البنك المركزي بإعداد ملفات جاهزة للاستخدام من قبل البنوك تسهل العملية بشكل كبير، ومنها يمكن للبنوك نشرها بطريقة سلسة على مواقعها الإلكترونية لاستخدام العملاء. الطريقة القديمة سهلة للفهم ويمكن حسابها حتى دون آلة حاسبة، ولكن الطريقة الجديدة تعتمد على مفهوم معدل العائد الداخلي IRR، الذي توجد نسخة منه في برنامج إكسل بمسمى XIRR، يتميز هذا العائد في أنه يأخذ مواعيد دفع الأقساط في الحسبان، وطريقة استخدامه سهلة للغاية، فكل ما هو مطلوب تحديد المبلغ المتسلم من قبل العميل وتحديد مواعيد الأقساط حتى نهاية المدة، ومن ثم يقوم البرنامج بحساب معدل النسبة السنوي بشكل سريع ودقيق.
في العلوم المالية يعرف العائد الداخلي على أنه العائد الذي من خلاله يصبح صافي القيمة الحاضرة للتدفقات النقدية صفرا، بمعنى آخر هو العائد الذي يستخدمه البنك لحساب القيمة الحاضرة للأقساط التي سيتحصل عليها البنك، بالشكل الذي يجعل قيمتها الحاضرة مساوية للمبلغ الذي يدفعه البنك للعميل. فمثلا لو أن البنك منح العميل 100 ألف ريال على مدى خمسة أعوام تدفع على هيئة أقساط شهرية، فإن العائد الداخلي هو النسبة التي تجعل القيمة الحاضرة لجميع هذه الأقساط تساوي 100 ألف ريال. وهذا العائد الداخلي هو معدل النسبة السنوي الذي سيتم إعلانه وعرضه للعميل، وبالطبع معدل الفائدة بالنسبة إلى البنوك يعتمد على عدة معدلات فائدة أخرى كمعدل "الريبو" ومعدل "سايبور" وغير ذلك من مؤثرات في تحديد سعر الفائدة، ولكن ليس لذلك علاقة بطريقة احتساب معدل الفائدة.
الوثيقة التي طرحها البنك المركزي تحتوي على معلومات مهمة وإرشادات وضوابط على المؤسسات المالية الالتزام بها، وتحتوي على ملفات لحاسبات خاصة بالتمويل الشخصي وتمويل شراء السيارات والتمويل العقاري وبطاقات الائتمان. ملاحظتي الوحيدة هي أن يضاف إلى ضوابط احتساب تكلفة التمويل شرط تثبيت موعد دفع أول قسط في التمويل، والذي أعتقد أنه مهم للغاية. بحسابات سريعة قمت بها تبين أن هناك تقريبا فارق نقطة أساس واحدة، أي 0.01 في المائة، فرق في تكلفة التمويل عن كل يوم يحل فيه موعد دفع أول قسط مبكرا، وبالتالي من الممكن أن تستخدم هذه الثغرة في إحداث فارق في تكلفة التمويل على العميل.
الثغرة في عدم تحديد موعد استحقاق أول قسط بالأيام، وليس بالتاريخ، هي أن يتم تقديم عرض للعميل بمعدل نسبة سنوي بمقدار 7.35 في المائة، ويذكر تاريخ أول قسط في العرض، وليكن بعد 30 يوما من الآن، ولكن بما أن إجراءات الحصول على التمويل قد تمتد لعدة أيام، فسيكون موعد تسلم القسط الأول بعد 14 يوما من بدء التمويل بحسب العرض الذي اطلع عليه العميل. الفارق في هذه الحالة سيكون 16 نقطة أساس، والذي يعد فارقا كبيرا.
ختاما، الخطوة التي اتخذها البنك المركزي في تحديد آلية احتساب تكلفة التمويل خطوة مهمة وموفقة بإذن الله، وهي خطوة تتماشى مع التطور الكبير في الأنظمة وعلى صعيد الحوكمة ودقة الحسابات في المؤسسات المالية السعودية.
نقلا عن الاقتصادية
بارك الله فيكم وفي علمكم د فهد
خطوة مباركة إن شاء الله التي قام بها البنك المركزي بتوحيد حساب تكلفة التمويل للقضاء على الغش والتدليس التي يقوم بها بعض المصارف والبنوك في حملات التسويق لمنتجاتهم !!!...الجميل في المقال إستخدام وصف (الطريقة الصحيحة والطريقة التقليدية)!!!... ومصطلح (الصحيحة)، لغوياً ، عكسه مصطلح (المغلوطة)... والغش والتدليس، شرعاً، هي أحدى أسباب بطلان العقود وإفسادها !!!... فتأمل، بارك الله فيكَ، حجم المسؤواية الشرعية للمسؤولين عن إبرام عقود التمويل وتحديد تكلفة تمويلها خلال السنوات الطوال الماضية !!!... والله المستعان.
وفق الكلمة الإقتتاحية لمعالي محافظ البنك المركزي السعودي/أيمن السياري للمؤتمر العشرين للمصرفية الإسلامية، يُقدر حجم سوق المصرفية الإسلامية العالمية حوالي 11.2 تريليون ريال يشكلُ حجم السوق السعودي منها، وهو الأكبر حصة، حوالي 3.1 تريليون ريال !!!... https://cdn.saudigazette.com.sa/article/634966/SAUDI-ARABIA/Al-Sayari-Saudi-Arabia-is-largest-Islamic-finance-market-with-total-assets-exceeding-SR31tr ... والسلام.
كم من الرائع وجود أمثالك بيننا يا دكتور, تنير بعلمك ونصحك وتنبيهاتك و ملاحظاتك, كم جميل أن تكون المقالات كما هذا المقال مليئة بالمعلومات النافعة. شكرا
مقال ممتاز ولكن يليت ان الكاتب الاخ فهد ضرب بمثال عن قرض بالطريقة التقليدية ومثال اخر بالطريقه الصحيحة وعلينا ان لا ننسى الرسوم الإدارية الكبيرة آلتي تأخذها البنوك عند اقراض العميل ومتوقع بعد تطبيق النظام الجديد في الاقراض سوف تقل أرباح البنوك