عَكست النتائج المالية للربع الثاني من العام الجاري 2023، بما في ذلك النصف الأول من ذات العام، نجاح جهود الحكومة السعودية بتوجهها إلى تنمية الإيرادات غير النفطية، بغية منها في تحقيق متطلبات الاستدامة المالية للمملكة بغض النظر عن اتجاهات أسعار النفط العالمية، صعوداً أم هبوطاً، لعل ما يؤكد على توجه الدولة بتنمية الإيرادات غير النفطية، النمو المستمر الملحوظ في حجمها، حيث قد ارتفعت خلال الربع الثاني من العام الجاري بحوالي 13 % (15.1 مليار ريال) مسجلة 135.1 مليار ريال مقابل 120.0 مليار ريال للفترة ذاتها من العام السابق، هذا التركيز وهذه النتائج الإيجابية المتحققة في نمو الإيرادات غير النفطية، تترجم ثمرة جهود مركزة بدأتها الحكومة عندما أقرت الحكومة في ديسمبر 2016 آلية التخطيط المالي متوسط الأجل، لاستدامة وضع المالية العامة للدولة وتحقيق ميزانية متوازنة، وقد نجح برنامج التوازن المالي من تحقيق أهدافه، بتحقيق أول فائض مالي منذ انطلاق البرنامج بالربع الثالث من عام 2021، بلغ 6,684 مليون ريال ليتم الانتقال بسلاسة إلى مرحلة الاستدامة المالية، التي لا تركز جل اهتمامها على تحقيق المالية العامة لعجز أو لفائض مالي بالميزانية، بقدر تركيزها على الوصول إلى تخطيط مالي متوسـط الأجل يحقق الاستدامة لمالية الدولة، من خلال التركيز على عوامل مهمة جداً، منها الرفع من كفاءة الانفاق الرأسمالي والتشغيلي، وتنمية الإيرادات غير النفطية، وتوفير الدعم اللازم للقطاع الخاص ليحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030 بأن ترتفع مساهمته في الناتج المحلي إلى 65 % من 40 %.
وقد أظهرت النتائج المالية للربع الثاني من العام الجاري بما في ذلك النصف الأول من العام، تحقيق الميزانية لمستهدفاتها من حيث ليس فقط ارتفاع الإيرادات غير النفطية فحسب، بل وحتى توفر مستويات مطمئنة من الاحتياطيات المالية، وحجم دين عام يعد منخفضاً ومستدامًا مقارنة بدول مجموعة العشرين، رغم انخفاض الإيرادات النفطية وارتفاع إجمالي النفقات بمقدار 9 % (27.6 مليار ريال) بالربع الثاني من العام مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق، والذي يعزى إلى الارتفاع في النفقات التشغيلية بمقدار 8 % (20.1 مليار) والنفقات الرأسمالية بنسبة 21 % (7.5 مليارات ريال)، أما فيما يتعلق بالنتائج المالية المتحققة للنصف الأول من العام، فهي تسيير في نفس الاتجاهات التي تحققت بالربع الثاني، حيث قد وصلت الإيرادات غير النفطية إلى 237.4 مليار ريال مسجلة ارتفاعا بلغت نسبته 11 %، في حين انخفضت الإيرادات النفطية بنسبة 17 % مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق، محققه ما إجماليه 358.3 مليار ريال حتى الربع الثاني من العام.
إن ارتفاع الإيرادات غير النفطية يؤكد على استمرار الحكومة السعودية في نهجها للاستمرار في النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى الإصلاحات الهيكلية التي تم تنفيذها خلال الفترة السابقة، وتحقيقها لمستهدفات الحكومة باستمرارية الإنفاق على الاستراتيجيات والبرامج والمشاريع التنموية، رغم ارتفاع إجمالي الانفاق خلال النصف الأول من هذا العام إلى 603.9 مليارات ريال، مسجلاً بذلك ارتفاعاً بلغت نسبته 18 % مقارنةً بالفترة المماثلة من العام الماضي، والذ يعود إلى سعي الحكومة لمواصلة تنفيـذ البرامـج والمشـاريع والاستراتيجيات الداعمـة للنمــو وتوسيع وتنويع القاعدة الاقتصادية، وتحقيق التنمية الشاملة بوتيرة متسارعة، وذلك في ظل المساحة المالية المتاحة، مع مراعاة مبادئ الاستدامة المالية والحفاظ على مستويات آمنة من الاحتياطيات الحكومية.
أخلص القول؛ إن نتائج الربع الثاني المالية للعام الجاري، بما في ذلك النصف الأول من نفس العام، تؤكد على استمرار الدولة في سعيها الجاد بتحقيق المملكة لمستهدفاتها الاقتصادية الطموحة في ظل رؤية المملكة 2030، بتحقيق الاستدامة المالية رغم تراجع أسعار النفط، والذي يؤكد أيضاً توجه المالية العامة للدولة بتبني سياسات مالية تسعى بشكل متوازن ما بين تعظيم الأثر الاقتصادي من خلال التوسع في الإنفاق على المشاريع والبرامج والاستراتيجيات المعززة للتنوع الاقتصادي والاستدامة المالية.
إضافة إلى ذلك فإن الدولة تحرص على استمرار التدفق المالي الحكومي لمشاريع الدولة التنموية، وتنامي الإنفاق على الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين والمقيمين، ودعم برامج الحماية الاجتماعية وتطوير البنية التحتية، للبرامج والمشاريع التنموية المهمة مثل: حديقة الملك سلمان، والمسار الرياضي، والسعودية الخضراء، وغيرها من المشاريع التي ستحدث نهضة تنموية في قطاعها.
نقلا عن الرياض