هل يشكل «ثريدز» خطراً على «تويتر»؟

10/07/2023 2
د. عبدالله الردادي

(مارك زوكربيرغ) هو أحد ملوك التقليد في عالم التقنية اليوم، هذه حقيقة يدركها من يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة، فمؤسس (ميتا) له سوابق في تقليد أفكار التطبيقات الأخرى؛ بل وإنجاحها في التطبيقات المملوكة لشركته. وهناك مثالان على ذلك، الأول إضافة القصص أو (stories) في (إنستغرام) وهو النموذج نفسه المستخدم في (سنابشات). الثاني إضافة ميزة (ريلز) (Reels) في (إنستغرام) بعد نجاح الفكرة في (تيك توك). هذه المرة جاء التقليد لـ(تويتر) الذي يعد أحد أكثر التطبيقات جديّة ضمن وسائل التواصل الاجتماعي، و(زوكربيرغ) لم يحاول الابتكار في مسمى التطبيق (ثريدز)، ولا في تصميمه، فهو يشبه تصميم «تويتر» إلى حد كبير. ومع هذا الوضوح الصارخ في التقليد، إلا أن (ثريدز) قد يشكل تهديداً حقيقياً لـ(تويتر) الذي سبق له التعرض لبعض المنافسة الهزيلة، إلا أن الوضع مختلف هذه المرة لثلاثة أسباب، يمكن اختصارها في: التوقيت، والحجم، والبيانات.

بالنسبة للتوقيت فقد اختاره (زوكربيرغ) ببراعة لإطلاق تطبيقه، ففي وقت عانى فيه (تويتر) من مشكلات تقنية اضطرته إلى تحديد عدد التغريدات التي يمكن للمستخدم مشاهدتها، أطلق (زوكربيرغ) تطبيقه، ليكون الملجأ للمستخدمين الذين كانوا في قمة تذمرهم ذلك الوقت. وقد وصل التطبيق الجديد إلى نحو 80 مليون من المستخدمين في أيام معدودة، وهو رقم احتاج (تويتر) إلى أكثر من 4 سنوات للوصول إليه. وقد وصل (ثريدز) إلى 30 مليون مستخدم في الـ24 ساعة الأولى من إطلاقه، وهو إثبات لبراعة توقيت الإطلاق.

و(تويتر) يعاني منذ أن استحوذ عليه (إيلون ماسك) في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بـ44 مليار دولار، فقد سرّحت الشركة نحو 80 في المائة من موظفيها، ومبيعات إعلاناتها في انخفاض مستمر، حتى قُدرت إعلانات هذا العام بـ28 في المائة فقط من حجمها العام الماضي. أما عدد المستخدمين فقد انخفض بنسبة 60 في المائة الشهر الماضي، مقارنة بنوفمبر (تشرين الثاني) من العام المنصرم.

أما الحجم، فالمقارنة بين (تويتر) و(ميتا) ظالمة، فعدد مستخدمي «تويتر» لا يزيدون على 350 مليون مستخدم في أفضل الأحوال، مقارنة بـ(إنستغرام) وحده الذي يملك 2.3 مليار مستخدم (نحو ثلث سكان العالم)، أي أن مستخدمي «تويتر» - في أفضل الأحوال- لا يزيدون على 13 في المائة من مستخدمي (إنستغرام). و(زوكربيرغ) يدرك هذه الميزة التنافسية، ولذلك فقد سهّل على مستخدمي (إنستغرام) استخدام (ثريدز)، ووحّد اسم المستخدم للتطبيقين، وهو ما يفسر سرعة تسجيل المستخدمين في التطبيق الجديد. وبالنظر إلى هذا الاختلاف في عدد المستخدمين، يمكن فهم الفارق الشاسع بين عائدات الشركتين؛ حيث لم تزد عائدات «تويتر» في 2021 على 5.1 مليار دولار، بينما تعدّت عائدات (ميتا) 116 مليار دولار، وهو ما يمكّن (ميتا) من ضخ الأموال للارتقاء بتطبيقها «الجديد».

السبب الثالث هو البيانات، و(زوكربيرغ) بنى إمبراطوريته على بيانات المستخدمين المليارية التي يمتلكها، فأصبح يوجه الإعلانات حسب تفضيلات المستخدمين، وتمكّن من بناء أدوات ذكاء اصطناعي مستخدماً الثروة الهائلة التي يمتلكها من البيانات والنصوص المطروحة في (فيسبوك)، وهو يطور هذه الأدوات بشكل مستمر لمصلحته، وقد لا يكون هذا الاستخدام نزيهاً بكل حال، وفضيحة (كامبردج أنالاتكا) قبل عدة سنوات خير دليل على استخدام بيانات المستخدمين بشكل غير قانوني. بالمقابل، فإن (تويتر) لا تعرف الكثير عن مستخدميها، وتشير إحصائية إلى أن ثُلث قراءات التغريدات في «تويتر» من مستخدمين غير مسجلين، كما أن نسبة كبيرة من المستخدمين يقرأون التغريدات دون أي تفاعل، ولذلك فإن (تويتر) لا يمكن لها الاستفادة بشكل تجاري من البيانات التي لديها في توجيه الإعلانات، حتى لو وجدوا سبيلاً قانونياً لذلك.

إن الأسباب الثلاثة تعطي التطبيق الجديد ميزات تنافسية قد تجعل (تويتر) في خطر حقيقي لأول مرة، لا سيما أن الإحصائيات تشير إلى أن أكثر من 85 في المائة من مستخدمي (تويتر) لديهم بالفعل حسابات في (إنستغرام)، ولو سجل عُشر مستخدمي (إنستغرام) في (ثريدز) لأصبح منافساً حقيقياً لـ(تويتر). هؤلاء المستخدمون قد يجدون أسباباً عدة للانتقال إلى التطبيق الجديد؛ لا سيما أن «شطحات» (ماسك) -التي عادة ما تثير استياء نسبة من المستخدمين- لا يمكن التنبؤ بها. وقد لا يكون (زوكربيرغ) خلّاقاً في الأفكار، ولكنه دون أدنى شك مُجيد في تقليد نماذج الآخرين، وقد يجد في (ثريدز) فرصة نجاح ترضي المستثمرين بعد إحباط فكرة (الميتافيرس) التي راهن عليها وغيَّر اسم الشركة لأجلها.

 

 

 

نقلا عن الشرق الأوسط