شكلت وسائل التواصل الاجتماعي ثورة في عالمنا اليوم، حيث أتاحت الفرصة للجميع لنشر آرائهم وما يمتلكونه من علم ومعرفة في تخصصاتهم أو بنشر تعليقات عن قضايا وأخبار عامة مما شكّل حراكاً بكافة المجتمعات عالمياً وقرّبها من بعض وسمح بالحوار بين أطرافها وأطيافها وأصبحت مخاطبة المسؤول أو الجهة الحكومية أو أي منشأة من القطاع الخاص أمراً يسيراً جداً ورغم كل هذه الإيجابيات وأكثر مما ذكر أيضاً كالمنافع الاقتصادية إلا أن هناك ظواهر سلبية رافقت مسيرة هذه الوسائل مما استدعى أن تضع الدول قوانين تنظم النشر الإلكتروني من حيث معاقبة المخالفين لها ومن يستغلونها لأغراض ضارة أو يقومون بالإساءة للآخرين وغير ذلك من المحظورات لكن من أغرب الظواهر في تويتر والتي تستحق التأمل هو ما يلاحظ من قيام البعض بمحاولة لعب دور «محور البشرية» فهو لا يعطي رأياً بقضايا عامة أو بتخصصه، بل يذهب لجعل حسابه مركزاً للإجابة على استفسارات بمجالات متخصصة جداً لا علاقة له بها.
فظاهرة أن تكون السوبر في تصدر المشهد لإبداء الرأي وتقديم النصح والتوجيه بتخصصات لا يفترض أن يفتي بها أو يجيب عليها لأنها تعد ضارة له ولمن طلب رأيه فأن تكون متخصصاً بمجال صحي أو هندسي أو تربوي وتنتمي لجهة رسمية أو خاصة ثم تجيب على استفسارات أو تضع تعليقات لمن يسألك من نفس الجهة التي تعمل بها عن أنظمة الموارد البشرية المعمول بها بالجهة أو المنشأة أو في مجال تقنية المعلومات فهو تجاوز غير مقبول لأنه تعد على تخصص إدارة هي ما يفترض أن تجيب على تساؤلات الموظف فهو واجبها ويلعب هذا التطفل دوراً في تشويه صورة المنشأة وكأنها غير قادرة على التواصل مع منسوبيها، كما أن مشورتك قد لا تكون دقيقة ويأخذ بها الموظف فتتسبب له بالضرر والأهم أنه يجب احترام الجهة التي تعمل بها والتنظيم الهيكلي لها، فهل سيقبل هو نفسه بأن يأتي من يفتي بالطب مثلاً ويصف علاجات علناً وتخصصه في مجال مختلف عن الطب، وبعضهم وهنا ما قد يكون الطامة الكبرى حتى يعزّز من صورته الذهنية عند المتابعين يطرب لعبارة يكتبها في بداية تغريدته «كثير سألوني» ولا أحد يدري هذه الكثرة كم تبلغ إذا كانت موجودة أصلاً، ولكن قد يكون حب الاستعراض وإظهار أنه المصدر الأوحد لأي معلومات بأي مجال متخصص وليس قضايا عامة، فالبعض دافعه تنشيط الحساب وتلميعه للمعلنين أي لأهداف تجارية، لكن يمكن أن تصل للتفاعل الذي تبحث عنه بطريقة أفضل ودون أن تقحم نفسك بما لا يجب أن تفتي فيه، وهناك أيضاً من يستخدم نفس العبارة إنما ليقول إنه يشعر بضغط من كثرة الأسئلة والطلبات التي تأتيه من الناس بمجال عمله فيمكن لك أن تعتذر منهم أو لا تقوم باستقبال أسئلتهم بدلاً من نشر ذلك في حسابك، بحيث لا تحرج من سألك إذا كان ذلك قد حدث أصلاً لتظهر فقط أنك المتمكّن الوحيد من اختصاصك فإن كان ذلك الشخص ممارساً صحياً فالمنشآت الصحية وكوادرها المهنية منتشرة في كل إرجاء المملكة ومستوى الخدمات الصحية يعد من الأفضل عالمياً وتوفر وزارة الصحة رقماً مجانياً (937) للتواصل والاستفسار عن أي حالة صحية أو شكوى ليتم توجيه السائل بالشكل الصحيح بالإضافة للكثير من التطبيقات التي يمكن من خلالها أخذ الاستشارات الطبية وهذا الأمر ينطبق على كل الجهات الخدمية بالمملكة فجميعها لديها مراكز وطرق للاستعلامات تعمل على مدار الساعة سواء بالتعليم أو القطاع البلدي وخدمات المياه والكهرباء والتجارة والتنمية الاجتماعيوفي كل المجالات التي يحتاجها المواطن والمقيم.
طرح الآراء بمجال تخصصك أو بقضايا عامة هو ظاهرة صحية لكن عند الانتقال لمجالات ذات اختصاص أو يوجد لمن يسأل عنها مرجعيته بعمله يعد أمراً غير مناسب وله محاذيره واستخدام أساليب للترويج للحساب على مبدأ أنني أضحي بوقتي للإجابة والتفاعل مع أسئلتكم واستفساراتكم فهو أمر أصبح مكشوفاً بأنه ترويج للحساب لمنافع خاصة، فاستثمار حسابك الشخصي وفق النظام أمر إيجابي لكن ليس بهذا الأسلوب فهل الشهرة تستحق أن تعرض نفسك لموقف محرج مع جهة عملك أنت في غنى عنه!
نقلا عن الجزيرة