صدرت نشرة سوق العمل المتعلقة بالربع الأول من العام الجاري، حاملة ارتفاع معدل البطالة بين المواطنين إلى 8.5 في المائة "4.6 في المائة للذكور، 16.1 في المائة للإناث"، مقارنة بمستواه خلال الربع الأخير من العام الماضي البالغ 8.0 في المائة "4.2 في المائة للذكور، 15.4 في المائة للإناث"، ورغم ارتفاع المعدل مع مطلع العام الجاري الذي شهد تباطؤ النمو الاقتصادي الحقيقي الكلي إلى 3.8 في المائة، والقطاع الخاص إلى 5.2 في المائة، إلا أن معدل البطالة خلال الربع الأول 2023 جاء أدنى من مثيله خلال الربع نفسه من العام الماضي، الذي بلغ 10.1 في المائة "5.1 في المائة للذكور، 20.2 في المائة للإناث"، جاء معدل البطالة متوائما مع التحديات التي تشهدها الاقتصادات عالميا، بالتزامن مع ارتفاع معدل الفائدة إلى أعلى مستوياته التاريخية في أكثر من عقدين من الزمن، وخفف من حدة ارتفاعه خلال الفترة تمكن القطاع الخاص من رفع معدلات توظيف المواطنين بمعدل سنوي بلغ 9.9 في المائة، مقارنة بالربع الرابع 2022 البالغ 14.2 في المائة، وتمكن القطاع العام من رفع معدلات التوظيف لديه بمعدل سنوي قياسي بلغ 6.3 في المائة "الأعلى خلال عقد زمني"، مقارنة بنموه خلال الربع الرابع 2022 بنحو 2.3 في المائة، وبذلك بلغ المعدل الإجمالي لنمو وظائف المواطنين في القطاعين العام والخاص خلال الربع الأول من العام الجاري نحو 8.4 في المائة، مقارنة بنموه خلال الربع الرابع 2022 بنحو 8.9 في المائة.
ونتيجة لتلك التطورات الربعية في مطلع العام الجاري، فقد تراجع معدل التوطين في الخاص إلى 22.5 في المائة، مقارنة بمستواه خلال الربع الرابع 2022 البالغ 23.3 في المائة، ويعزى ذلك التراجع إلى ارتفاع المعدل السنوي لنمو العمالة الوافدة بنسبة قياسية وصلت إلى 16.4 في المائة، قفز بإجمالي أعدادها إلى نحو 7.7 مليون عامل، مقارنة بحجمها خلال الربع نفسه من العام الماضي البالغ 6.6 مليون عامل، كان أغلب تلك الزيادة بنحو 88.4 في المائة متركزا على المهن والوظائف الأدنى دخلا ومهارة، التي اقتضى وجودها تنفيذ المشاريع التنموية المقررة خلال الفترة الراهنة، إضافة إلى تدني رغبة العمالة المواطنة في إشغال تلك الوظائف، ورغم ارتفاع معدل البطالة لدى المواطنين خلال الربع الأول من العام الجاري، إلا أنه شهد تراجعا للفئات العمرية الشابة بين 15 و24 عاما من 16.8 في المائة بنهاية الربع الرابع 2022، إلى 16.3 في المائة بنهاية الربع الأول 2023، مدفوعا بانخفاضه لدى الإناث للفترة نفسها من 26.0 إلى 24.2 في المائة، بينما سجل ارتفاعا طفيفا لدى الذكور من 12.5 إلى 12.6 في المائة للفترة نفسها. وبالنسبة إلى معدلات البطالة وفقا للمستوى التعليمي بين المواطنين، فقد شهدت ارتفاعا لدى حملة شهادة البكالوريوس من 9.9 في المائة "3.5 في المائة للذكور، 17.8 في المائة للإناث" بنهاية الربع الرابع 2022، إلى 10.8 في المائة "3.8 في المائة للذكور، 19.4 في المائة للإناث" بنهاية الربع الأول 2023، وارتفع المعدل لدى حملة شهادة التعليم الثانوي من 7.4 في المائة "4.8 في المائة للذكور، 16.2 في المائة للإناث" بنهاية الربع الرابع 2022، إلى 7.8 في المائة "5.4 في المائة للذكور، انخفضت إلى 15.8 في المائة للإناث" بنهاية الربع الأول 2023، بينما شهد المعدل انخفاضا لدى المستويات التعليمية من حملة الماجستير من 3.8 في المائة إلى 2.9 في المائة، وكل من حملة شهادة التعليم المتوسط والدبلوم المشارك.
تظل مؤشرات التوظيف جيدة رغم ارتفاع معدل البطالة وتراجع معدل التوطين، قياسا على التحديات الاقتصادية محليا وخارجيا وبالتزامن مع ارتفاع معدلات الفائدة، التي عادة ما تؤدي إلى تضاؤل فرص نمو الاقتصاد، وتحد بدرجة ملموسة من توسع نشاطات القطاع الخاص، الذي يواجه بدوره تحديات عديدة على نوافذ أخرى، لعل من أبرزها ارتفاع تكلفة الإيجارات على كاهل منشآته، وتحديدا المنشآت المتوسطة والصغيرة، التي سبق الحديث عنها خلال الأسبوعين الماضيين في أكثر من مقال، والتأكيد على أهمية إقرار تنظيم لسوق الإيجارات، يتولى حماية منشآت القطاع الخاص حتى المستهلكين من عمليات الرفع الكبير والمتكرر وغير المبرر لتكلفة الإيجارات، ودون أن يضر إقرار ذلك التنظيم بجدوى الاستثمار في السوق، وبما يؤدي إلى استقرارها ضمن المؤشرات الراهنة للأداء الاقتصادي، وهو الأمر الذي يتجاوز مجرد الخدمات المضافة إلى نظام الإيجار الذي أعلنه البرنامج الأسبوع الماضي، قياسا على ما شهدته السوق طوال عام مضى من ارتفاعات قياسية، انعكست آثارها على معدل التضخم طوال تلك الفترة.
والتأكيد أيضا على استمرار مبادرات وبرامج التوطين المعمول بها خلال الفترة الراهنة، واستكمال مراحلها التي سبق إعلانها طوال أكثر من عامين مضيا، أسهم العمل بها في خفض معدل البطالة من مستوياته المرتفعة التي سبق أن سجلها خلال 2020 ـ 2021 إلى أن وصل بها إلى 8.0 في المائة بنهاية العام الماضي، كأدنى معدل بطالة تاريخي خلال أكثر من عقدين من الزمن، وأن من أحد أهم نتائجها الإيجابية المحافظة على عدم ارتفاع معدل البطالة بأكثر مما وصل إليه خلال الربع الأول من العام الجاري، في الوقت ذاته الذي تشهد عديد من الاقتصادات إقليميا وعالميا تحديات كبيرة، لم تنعكس بحمد الله على الاقتصاد الوطني، الذي ما زال يحتفظ بحظوظ قوية من النمو الحقيقي المطرد وفقا لما تحقق حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري، ووفقا لتقديرات صندوق النقد والبنك الدوليين للعامين 2023 ـ 2024، وهي المؤشرات الإيجابية اقتصاديا وماليا التي ستدفع بمزيد من نمو معدلات توظيف المواطنين والمواطنات خلال العام الجاري، والاستمرار أيضا بها خلال العام المقبل، وصولا إلى تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 عموما، وسوق العمل المحلية بخفض معدل البطالة إلى 7.0 في المائة فما دون بمشيئة الله تعالى.
نقلا عن الاقتصادية