نمو إيجابي مستمر لتوطين وظائف القطاع الخاص

23/05/2023 6
عبد الحميد العمري

تواصل الأداء المتميز لنمو وظائف العمالة المواطنة في القطاع الخاص للربع السابع على التوالي، الذي بدأه منذ الربع الثالث 2021 وصولا إلى نهاية الربع الأول من العام الجاري، بتحقيقه نموا ربعيا بنسبة 1.8 في المائة، وصافي زيادة ناهزت 39 ألف وظيفة تم إشغالها بعمالة مواطنة، بينما وصل صافي الزيادة السنوية إلى أعلى من 178.2 ألف عامل بمعدل نمو سنوي بلغ 8.8 في المائة، استقر على أثره حجم العمالة المواطنة في القطاع الخاص عند أعلى من 2.2 مليون عامل بنهاية الربع الأول 2023، وبالنظر إلى الحصيلة النهائية للنمو المطرد في توطين وظائف القطاع الخاص طوال الفترة "الربع الثالث 2021 ـ الربع الأول 2023"، التي وصلت إلى نحو 445 ألف وظيفة "163.6 ألف للذكور، 281.4 ألف للإناث"، أسهم تحققها في خفض معدل البطالة من 11.3 في المائة في منتصف 2021، إلى 8.0 في المائة بنهاية الربع الرابع 2022.

فقد كانت نتائج متتابعة لجهود التحسينات والتحديثات التي تمت على مختلف برامج التوطين السابقة، بدءا من برنامج نطاقات المطور الذي قدم مزايا عديدة لبيئة السوق المحلية، استهدفت زيادة الاستقرار التنظيمي لمنشآت القطاع الخاص، وتعزيز العلاقة الطردية بين عدد العاملين ونسب التوطين المطلوبة لكل منشأة، من خلال معادلة ترتبط بشكل متناسب مع عدد العاملين لدى المنشأة، وتبسيط تصميم البرنامج وتحسن تجربة العميل، بالاعتماد على دمج تصنيفات الأنشطة بناء على معايير محددة، تحددت في 32 نشاطا مقارنة بعددها السابق الذي كان 85 نشاطا، وبالنظر إلى المتحقق من صافي زيادة في العمالة المواطنة في القطاع الخاص، ومقارنته بما كان متوقعا من قبل وزارة الموارد البشرية في بداية العمل بتلك التحسينات، التي توقعت أن يسهم البرنامج بمنهجيته المحدثة في توفير أكثر من 340 ألف وظيفة خلال ثلاثة أعوام من العمل به، فقد نجحت في تجاوز الحد المستهدف بنحو 31 في المائة قبل نهاية المدة المحددة، وهذا بكل تأكيد يدفع للتمسك أكثر بتلك البرامج، ويدفع أيضا إلى أهمية الاستمرار في تطويرها وتحديثها بالصورة الملائمة التي تأخذ في الحسبان المستجدات المستمرة على الاقتصاد والسوق، نظرا إلى ما تحمله تطورات الاقتصاد المحلي والعالمي من مستجدات وتحديات متتالية، إضافة إلى النمو المطرد في أعداد مخرجات التعليم العالي والفني والمهني في بلادنا.

كما امتدت الإصلاحات والتحديثات إلى ابتكار برامج متخصصة للتوطين، كان من أهمها ما تم إقراره قبل أكثر من عامين، البدء بتوطين قطاعات كل من خدمات الصحة، الذي استهدف توطين 40 ألف كادر في القطاع الصحي، والاتصالات وتقنية المعلومات بتوطين 15.6 ألف وظيفة، وقطاع الإيواء السياحي بتوطين 8.0 آلاف وظيفة، وفي مجال المحاماة والاستشارات القانونية بتوطين 6.0 آلاف ممارس، إضافة إلى قطاعات كل من التعليم، والتأمين والخدمات البنكية، والترفيه، والسياحة، واستهدافا لتوطين عشرات الآلاف من الوظائف المجدية والملائمة أمام الموارد البشرية المواطنة ذات التأهيل الجيد، ومهن طب الأسنان باستهداف توفير نحو ثلاثة آلاف ممارس للمهنة، ومهن الصيدلة باستهداف توطين نحو أربعة آلاف ممارس.

كما كان من أهم الإجراءات التي تم إقرارها خلال العامين الماضيين، الاعتماد على توطين الوظائف في عديد من القطاعات من خلال منظومة متكاملة من الأجهزة الحكومية، بحيث يتولى كل جهاز حكومي بصورة مباشرة المهام والمسؤوليات المرتبطة بالتوطين في القطاعات الاقتصادية التي تقع تحت إشرافه، إضافة إلى مهامها الإشرافية السابقة على تلك القطاعات، حسب كل جهة حكومية، وأن تتولى وزارة الموارد البشرية بدورها مهام الإشراف والمتابعة والتنسيق مع تلك الأجهزة أو الجهات الحكومية، وهي الآلية التي يمكن وصفها أيضا بأنها تتضمن تفويض مهام توطين القطاعات الاقتصادية المختلفة للجهات الحكومية الإشرافية عليها، وإتمام تلك البرامج بالتنسيق المستمر بين الوزارة وبقية تلك الجهات الحكومية. لقد منح العمل بهذه المنظومة فاعلية أكبر لبرامج التوطين، وأسهم في زيادة تركيز الجهود عبر توزيع مهام ومسؤوليات تنفيذها ومراقبة درجة تقدمها بصورة مباشرة، كان من أهم وأبرز نتائجه ما عكسته أحدث بيانات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، الصادرة عن تطورات سوق العمل المحلية ذات العلاقة بالقطاع الخاص بنهاية الربع الأول من العام الجاري.

في المقابل، ارتفع أيضا عدد العمالة الوافدة في القطاع الخاص خلال الفترة نفسها بمعدل ربعي بلغ 6.5 في المائة، وارتفع بمعدل سنوي بنحو 16.5 في المائة، ليصل إجمالي حجم العمالة الوافدة في القطاع إلى نحو 7.7 مليون عامل وافد، وتركز صافي الزيادة في أعداد العمالة الوافدة التي تحققت خلال الربع الأول من العام الجاري "467.3 ألف عامل"، على العمالة في المهن والوظائف متدنية الأجور والمهارات بنحو 413 ألف عامل، شكلوا نحو 88.4 في المائة من صافي الزيادة التي طرأت على العمالة الوافدة خلال الفترة، بينما بلغ حجم صافي الزيادة في الوظائف الأعلى أجورا من 3.0 آلاف ريال شهريا نحو 54.3 ألف عامل، شكلوا نحو 11.6 في المائة من صافي زيادتهم خلال الربع الأول. وتأتي تلك الزيادة في أعداد الوافدين في الوظائف متدنية الأجور التي يتركز أغلبها في قطاعات المقاولات والتشييد والبناء، ولا تحظى بالطلب من قبل العمالة المواطنة، لارتباطها بتنفيذ كثير من مشاريع التنمية العملاقة وتطوير البنى التحتية التي يشهدها الاقتصاد الوطني خلال الفترة، وارتباطها أيضا بعقود الشراكات الكبيرة بين كل من الحكومة ومنشآت القطاع الخاص، الذي يصب تحقق مستهدفاته في تلبية التنمية المستدامة ورؤية المملكة 2030، ودون التأثير سلبا في تنامي وظائف الموارد البشرية المواطنة، التي وصل صافي زيادتها في المهن ذات الأجور الأعلى إلى نحو 51 ألف عامل خلال الربع الأول، وتزامن معه تحسين من دخلهم الشهري 3.0 آلاف ريال شهريا فأدنى بنحو 11.6 ألف عامل، ما أسهم في انخفاض نسبتهم من الإجمالي إلى 4.5 في المائة، مقارنة بنسبتهم سابقا قبل أكثر من عامين التي تجاوزت 40 في المائة، وكانت قبل ذلك قد وصلت إلى نحو 51.6 في المائة.

 

 

نقلا عن الاقتصادية