يأتي إعلان الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء (حفظه الله)، عن إطلاق أربع مناطق اقتصادية خاصة بكل من الرياض، مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، جازان ورأس الخير، خطوة على المسارين الاقتصادي والاستثماري الصحيحين، كونها ستسهم في الدفع قدماً لمسيرة التنويع والتطوير الاقتصادي التي تعيشها وتشهدها المملكة العربية السعودية، وستسهم أيضاً في تحسين وتطوير البيئة الاستثمارية المحلية، كما أن إطلاق مدن اقتصادية خاصة، سيعزز من مكانة المملكة الاقتصادية والاستثمارية محلياً ودولياً، وبالذات وأن المملكة على مستوى الاستثمارات الأجنبية تسعى ضمن مستهدفات رؤيتها الطموحة 2030 إلى تعزيز حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتصل إلى نسبة 5.7 % من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بحلول عام 2030.
إضافة إلى ذلك، فإن وجود مناطق اقتصادية خاصة بالمملكة، سيسهم في توطين الصناعات وفي توليد الآلاف من الوظائف للمواطنين السعوديين من الجنسين، مما سيعزز من مكانة المملكة كوجهة استثمارية عالمية رائدة، وسيساعد وبشكلٍ كبير وغير مسبوق في خفض معدلات البطالة بالمملكة، وصولاً للمعدل المستهدف بالوثيقة الأساسية لرؤية المملكة 2030، والذي هو بحدود 7 %، ولعل ما يميز المناطق الاقتصادية الخاصة عن غيرها من بقية المدن الاقتصادية، تمتعها بمزايا وبأنظمة وبتشريعات، بما في ذلك لوائح تدعم مفهوم سهولة ممارسة الأعمال المرتبط بتأسيس الشركات ودعم نموها واستدامتها، سيما وأن المناطق المستهدفة لأن تكون مناطق اقتصادية خاصة، هي في الأساس تمتلك لمقومات اقتصادية واستثمارية ضخمة، وبالذات مدينة الرياض، المتمثلة بالبنية التحتية والفوقية القوية جداً، بالإضافة إلى تأثيرها الاقتصادي والاستثماري الكبير على الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، باعتبارها تسهم بنحو 45 % في الحراك الاقتصادي الذي تعيشه المملكة.
ونظراً لأن المناطق الاقتصادية تتمتع بنظم تشريعية خاصة، كمثال منح حوافز ضريبية منافسة للشركات، والسماح بالملكية الأجنبية بنسبة 100 %، إضافة إلى منح إعفاءاتٍ للواردات ومدخلات الإنتاج والآلات والمواد الخام من الرسوم الجمركية، فإن ذلك سيعزز من قدرة المملكة التنافسية المرتبطة باستقطاب وجذب رؤوس الأموال الأجنبية والقدرة كذلك على استقطاب أفضل الموارد البشرية العالمية، ولعل الأهم من ذلك وذاك التعزيز من قدرة المملكة على نقل المعرفة Know-how وتوطينها، وما سيدعم نجاح تأثير المناطق الاقتصادية الخاصة، وبالذات في المملكة العربية السعودية بالتحديد، تمتع المملكة ولله الحمد والمنة، بنعمة الأمن والأمان، باعتبار أن هذه النعمة هي الأساس ومفتاح النجاح Key success Factor لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية من جهة ولتنمية الاستثمارات المحلية من جهة أخرى، كون رأس المال عُرف بأنه جبان لا يقدم على الاستثمار سوى ببيئة استثمارية آمنة ومستقرة، كالبيئة الاستثمارية بالمملكة، إن وجود مناطق اقتصادية خاصة في المملكة سيكون داعماً للمناطق الاقتصادية الأخرى في المملكة بما في ذلك المناطق اللوجستية، مما سيسهم في فتح مجالات واسعة لتنمية مجتمع الأعمال السعودي، وتمكينه من تحقيق مستهدفات الرؤية برفع مساهمة القطاع الخاص من 40 % بسنة الأساس إلى 65 % بحلول عام 2030.
أخيراً وليس أخيراً إن إيجاد مناطق اقتصادية خاصة بالمملكة، سيسهم بشكل كبير في تعزيز سلاسل الإمداد، بمختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، وبالتالي التغلب على الإشكاليات التي عادة ما تتعرض سلاسل الإمداد خلال الأزمات المالية العالمية، كما كان واقع الحال خلال جائحة فيروس كورونا المستجد، أخلص القول؛ بأن وجود مناطق اقتصادية خاصة بالمملكة، وبالذات بالمناطق التي أُعلن عنها مؤخراً، سيكون له مردوده الاقتصادي والاستثماري على المملكة من خلال تعزيز القدرات الصناعية واللوجستية، كون ذلك سيوفر تجربة استثمارية نوعية واستثنائية في نفس الوقت للمستثمرين المحليين والأجانب على حدٍ سواء، وسيعزز من الموقع الجغرافي للمملكة، وسيعمل أيضاً على ترسيخ مكانتها الجغرافية المتميزة كبوابة عبور لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وحلقة وصل بين أسواق الشرق والغرب، كونها تربط بين ثلاث قارات رئيسية وأساسية على مستوى العالم، وهي: أوروبا، وآسيا وأفريقيا. كما أنه سيعزز من تسارع وتيرة الاستثمار في المملكة.
نقلا عن الرياض