الفيدرالي بين التضخم والإفلاس

16/03/2023 3
بسام العبيد

اضطربت الأسواق المالية نهاية الأسبوع الماضي بخبر إفلاس بنك سيليكون فالي البنك الذي يعد بين أكبر البنوك الأمريكية، ويحتل المرتبة الـ16، برأس مال يتجاوز 200 مليار دولار، ما استدعى تدخل وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الفيدرالي للوقوف على هذا الحدث، وإقرار حزمة عاجلة من المساعدات والدعم للقطاع المصرفي بقيمة 25 مليار دولار، وتوجيه مؤسسة التأمين على الودائع بالإشراف على ودائع العملاء وطمأنتهم بضمان ودائعهم، إلا أن ذلك كان له صدى لدى عموم المستثمرين في الأسواق، حيث شهد القطاع المصرفي في الولايات المتحدة وأوروبا وكندا تراجعات حادة إثر نشر الخبر، ما تسبب في خسائر بمئات مليارات الدولارات من القيمة السوقية للقطاع المصرفي في الأسواق الثلاث، حيث إن المستثمرين في الأسواق لا تزال ذاكرتهم حاضرة ومعاصرة الأزمة المالية التي بدأت شرارتها بصدمة إفلاس بنك ليمان برذرز 2008 الذي يعد من أقدم البنوك الأمريكية، حيث أسس قبل أكثر من 150 عاما، وما تبع ذلك من أحداث مؤلمة على الساحة الاقتصادية بسبب أزمة الرهن العقاري ذلك العام، وانهارت معه معظم الأسواق.

وعودا على بدء فلا تزال أحداث خبر إفلاس بنك سيليكون فالي حديث الساعة عبر وسائل الإعلام ويحظى بمتابعة مستمرة واهتمام كبير من عموم المستثمرين في الأسواق المالية، حيث يخشى الجميع تكرار السيناريو نفسه الذي حدث للقطاع المصرفي "وهو أمر مستبعد حتى الآن".

ورغم الجهود التي بذلتها السلطات الأمريكية بعد أزمة 2008 منعا لتكرار تلك الأزمة من خلال زيادة الرقابة وتشديدها على القطاع المصرفي، إلا أن البعض يحملها مسؤولية إفلاس سيليكون فالي بسبب تهاونها في متابعتها لملاءته المالية، حيث في عهد الرئيس ترمب تم تخفيف القيود على البنوك والمصارف التي يقل رأس مالها عن 250 مليار دولار، وهي القيود التي تلتزم بها البنوك التجارية الأعلى من ذلك وتجبرها السلطات عليها مرورا بما يسمى اختبارات الجهد ومتابعة معدلات السيولة والاستثمار والودائع... إلخ، لذلك يرى البعض أن هذه الخطوة سمحت بتعرض بنك سيليكون فالي للانهيار والإفلاس، وقد تبعه بنكان هما بنك سيجنتشر وسيلفرجيت ما يزيد من خشية المستثمرين من تداعيات هذه الأحداث وتبعاتها على الشركات والمصارف الأخرى، وبالتالي على الأسواق في وقت تصارع فيه الأخيرة مستويات التضخم المرتفعة وما يقابلها من رفع لنسب الفائدة من قبل الفيدرالي وتبعات الحرب في أوكرانيا ومشكلات سلاسل الإمداد والتوريد.

حتى الآن لم تتضح أبعاد هذه الأزمة ولم يتضح مدى انكشاف بقية المصارف والشركات على بنك سيليكون فالي، ولم تعلن إلا عدة شركات فقط عن علاقتها به حيث أعلنت على سبيل المثال لا الحصر شركة روكو عن وديعة تقارب نصف المليار دولار كانت قد أودعتها لدى المصرف، كان معظمها دون تأمين، وذكرت أنها لا تعلم عن مدى قدرتها على استعادتها.

وقد كان من أبرز أسباب انهيار سيليكون فالي ارتفاع معدلات الفائدة، ما أوجد فجوة كبيرة لدى البنك الذي استثمر معظم رأس ماله في السندات طويلة الأجل بفائدة تقل عن 2 في المائة، بينما الفوائد على الودائع تقترب من 5 في المائة، ما وضع الفيدرالي بإفلاس البنك في موقف حرج بين استمرار رفع الفائدة لمكافحة التضخم أو التوقف عنه مؤقتا لوقف نزيف الإفلاس.

 

نقلا عن الاقتصادية