منذ أن أطلق سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز برنامج تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص «شريك» في مارس 2021م، ضمن جهوده الرامية لتحقيق الأهداف الاقتصادية والتنموية لرؤية المملكة 2030، والعمل جار على تنفيذه، واستكمال متطلباته المؤسسية، حيث وافق مجلس الوزراء الأسبوع الماضي على تحويل البرنامج إلى مركز باسم «مركز برنامج تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص» يتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة والاستقلال المالي والإداري، وبما يسهم في تمكينه من أداء مهامه الإستراتيجية.
ثم تلا ذلك، الإعلان عن الحزمة الأولى من مشاريع الشركات الكبرى المنضمة إلى البرنامج وعددها 28 شركة، بينها 8 شركات كبرى تعمل على 12 مشروعاً بتكلفة 192 مليار ريال، في الحفل الذي حضره سمو ولي العهد ما يؤكد اهتمامه الشخصي بالبرنامج، وأهدافه الطموحة، ومتابعته الدقيقة للبرامج الإستراتيجية.
من المتوقع أن تحقق الحزمة الأولى من المشروعات المدعومة التي تم الإعلان عنها، أثراً مباشراً على الناتج المحلي للمملكة بما يقرب من 466 مليار ريال خلال العقدين القادمين، وخلق نحو 64 ألف وظيفة حتى العام 2030 .
يعكس الانتقاء الحصيف للقطاعات المستهدفة بالتحفيز، حرص القيادة على توجيه دعمها للشركات الكبرى القادرة على تحقيق أهداف رؤية 2030 ذات العلاقة برفع مساهمة قطاعات اقتصادية محددة في الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى أهميتها في نقل التقنية وتوطينها والابتكار، وقدرتها على المنافسة العالمية وتلبية الطلب المحلي، وبما يحد من الواردات، ويعزِّز الصادرات السعودية، ويسهم في بناء قطاع خاص حيوي ومزدهر، وزيادة مرونة الاقتصاد السعودي.
فالمملكة أكثر حاجة لتوطين التقنية، واستكمال بنيتها الرقمية، وتوفير خدمات الحوسبة السحابية، وبما يحقق الكفاءة الرقمية، وأمن المعلومات، ويعزِّز مكانتها كمركز رائد لتقنيات الحوسبة السحابية المتقدمة، ما استوجب تقديم الدعم لبعض شركات الاتصالات المحلية.
وفي قطاع الصناعة، ولارتباطها الوثيق بقطاع الصناعات البحرية الذي انطلق في مدينة رأس الخير، تبرز أهمية تصنيع محركات السفن القادرة على تطوير قطاع صناعات بحرية مستدام وتحقيق قيمة مضافة في قطاعات تصنيع المعادن والآلات المحققة للتنوع الصناعي. الأمر عينه ينطبق على قطاع الطاقة، واهتمام المملكة بإنتاج الطاقة النظيفة، ومدخلاتها، حيث ستتلقى شركة «أكوا باور» دعماً لإنشاء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، ما يحقق المواءمة بين عدد من الأهداف الإستراتيجية المرتبطة برؤية 2030 وتعزيز مكانتها في مجال الطاقة الخضراء، والتأكيد على الجهود الرامية لخفض الانبعاثات الكربونية. دعم قطاع الطاقة النظيفة لم يَحُل دون دعم الطاقة الأحفورية وصناعاتها المختلفة، فأرامكو السعودية ضمن الشركات الكبرى التي تعمل على 5 مشاريع مع شركات عالمية ضمن برنامج «شريك» وبميزانية تبلغ 62 مليار ريال.
وعلى الرغم من متانة قطاع البتروكيماويات السعودي، وتنافسيته العالية، إلا أنه في حاجة لتوسع أكبر، وتوفير متطلباته من المنتجات المعززة للصناعات عموماً، والصناعات التحويلية على وجه الخصوص، إضافة إلى خفض حجم واردات القطاع المخصصة لعملياته الإنتاجية. دعم شركة سابك لتنفيذ مشروع صناعة المحفزات سيقلل الاعتماد على الواردات ويعزِّز الصادرات، وسيسهم في خلق أول مركز لصناعة المحفزات في المملكة. تكامل سلاسل الإمداد الصناعية بالمملكة من أهم أهداف شريك، ومشروعاته المدعومة، وبما يحقق الأمن الإستراتيجي الشامل.
ضخ استثمارات نوعية طويلة الأمد في القطاع الخاص ستعزِّز الشراكة مع القطاع العام، وستسهم في نمو الاقتصاد، وتنوعه، وخلق فرص عمل جديدة وتمكين الاستثمارات المحلية للشركات، وخلق فرص استثمارية صغيرة ومتوسطة مرتبطة بتلك الاستثمارات الكبرى.
الشراكة بين القطاعين العام والخاص من الإستراتيجيات المهمة المعزّزة للتنمية الاقتصادية، والمحققة للتنوع الاقتصادي، ورفع تنافسية الشركات، وتحفيز الابتكار، وتحقيق الكفاءة والجودة، وهي الإستراتيجية التي التزمت بها الحكومة منذ إطلاق رؤية 2030 وعملت على تهيئة البنى التحتية لتحقيقها، ثم إطلاق مشروع الشراكة الضخم الذي يعد استثمارا في مستقبل الوطن وازدهاره، وتحقيقاً لتنوعه، وتعزيزاً لمكانة القطاع الخاص وزيادة حجم الشركات السعودية وتمكينها من المنافسة العالمية وتحمل دورها في قيادة الاقتصاد مستقبلاً.
نقلا عن الجزيرة