باكورة برنامج «شريك» لتحفيز نمو وتنويع الاقتصاد

06/03/2023 0
عبد الحميد العمري

أعلنت المملكة نهاية الأسبوع الماضي، الباكورة الأولى لبرنامج شريك الذي سبق أن أطلقه ولي العهد، في 30 آذار (مارس) 2021، ويتولى الإشراف على تنفيذه من خلال رئاسته لجنة استثمارات الشركات الكبرى "شريك".

ويصل إجمالي عدد تلك الشركات المشمولة في البرنامج، إلى 28 شركة من القطاع الخاص.

ويستهدف البرنامج التنموي العملاق "شريك" كأحد أهم البرامج التنفيذية لرؤية المملكة 2030، دعم تنويع الاقتصاد الوطني لموارده الاقتصادية، وتقليص الاعتماد على النفط، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 65 في المائة، إضافة إلى رفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16 في المائة إلى مستوى 50 في المائة، كما يستهدف البرنامج الطموح زيادة تنمية استثمارات القطاع الخاص للوصول بها إلى مستوى خمسة تريليونات ريال بحلول 2030.

وتضمنت الباكورة الأولى للبرنامج، إعلان مشاريع بقيمة إجمالية تبلغ 192.4 مليار ريال، لمصلحة 12 مشروعا سيتم تنفيذها من قبل ثماني شركات، تتوزع على عدد من أبرز القطاعات الاستراتيجية والحيوية "الطاقة، والبتروكيماويات، والاتصالات، والنقل والخدمات اللوجستية"، عدا ما ستسهم فيه هذه المشاريع من تعزيز متين لنمو الشركات الثماني، والمساهمة الحقيقية على طريق رفع إمكاناتها التنافسية على الصعيد الدولي، فإنها ستسهم أيضا بصورة رئيسة في تعزيز النمو الاقتصادي للمملكة، وتوطين الصناعات، وتحفيز الابتكار وتعزيز مستوى الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص.

ووصلت حصة استثمارات الشركات الكبرى "شريك" من المبلغ الإجمالي لتلك المشاريع إلى نحو 120 مليار ريال، "62.4 في المائة من الإجمالي"، ويقدر أن يصل أثرها النهائي في الناتج المحلي الإجمالي لاقتصاد المملكة إلى نحو 466 مليار ريال خلال العقدين المقبلين، بمضاعف اقتصادي يقدر بأكثر من 2.43 ضعف، وتحمل أهمية استراتيجية واقتصادية عالية للمملكة، ويقدر أن تسهم هذه الباكورة الأولى للمشاريع المعلنة في توفير نحو 64.5 ألف فرصة عمل جديدة، بمشيئة الله تعالى.

يشكل هذا الإنفاق الرأسمالي والاستثماري البالغ نحو 5.0 في المائة الناتج المحلي الإجمالي لـ2022، دافعا مهما للنمو والاستقرار الاقتصاديين للمملكة، الذي يأتي وسط حالة غير مواتية للاقتصاد العالمي، يواجه خلالها عديدا من التحديات والمخاطر، وتقديرات بركود أبرز الاقتصادات المتقدمة كالولايات المتحدة ومنطقة اليورو.

لهذا ستشكل المشاريع المعلنة أخيرا وما سيليها، بمشيئة الله تعالى، حافزا للاقتصاد الوطني للاستمرار في تحقيق المعدلات القياسية للنمو الحقيقي، وزيادة إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، التي ستتيح لها توفير عشرات الآلاف من فرص العمل أمام الموارد البشرية المواطنة، والاستمرار من ثم في المسار الإيجابي المتمثل في رفع نسب التوطين، والمساهمة في مزيد من خفض معدل البطالة، وهي المستهدفات التي تدخل ضمن الأهداف الرئيسة لبرنامج شريك.

توزع دعم برنامج شريك على المشاريع الـ12 وفقا للتالي: تركزت المشاريع الخمسة الأولى على شركة أرامكو السعودية لتسريع وتيرة تنفيذها،

شملت أولا، مشروعا مشتركا لإنشاء مصنع لألواح الحديد، لتحقيق الاكتفاء الذاتي للمملكة منها بحلول 2030.

ثانيا، مشروع خدمات الحوسبة السحابية، الذي سيجلب خدمات جوجل السحابية إلى المملكة، ويسهم في ترسيخ مكانتها كمركز رائد لتقنيات الحوسبة السحابية المتقدمة.

ثالثا، مشروعا مشتركا لتصنيع محركات السفن، سيسهم في تطوير قطاع صناعات بحرية مستدام، وتحقيق مزيد من القيمة في قطاعات تصنيع المعادن والآلات، التي تلعب دورا أساسيا في تنويع جهود التنمية الصناعية.

رابعا، مشروعا مشتركا لصب وتشكيل المعادن في رأس الخير، بما سيعزز من تكامل سلاسل الإمداد الصناعية في المملكة. خامسا، مشروع مجمع أميرال للبتروكيمياويات، الذي سيسهم في توطين إنتاج مواد كيميائية جديدة، بهدف تعزيز ريادة المملكة عالميا في مجال الصناعات البتروكيماوية.

أما في قطاع الطاقة، فجاء من مصلحة شركة أكوا باور متمثلا في: "سادسا"، مشروع إنشاء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، سيتم تطويره بالشراكة مع شركتي "نيوم للهيدروجين الأخضر" و"إير برودكتس قدرة".

كما حصلت شركة التعدين العربية السعودية "معادن"، على دعم برنامج شريك لتسريع إنجاز "سابعا"، مشروع "فوسفات 3" في منطقة وعد الشمال، الذي سيسهم في تعزيز مكانة الشركة كثالث أكبر منتج للأسمدة الفوسفاتية عالميا بحلول 2029، وترسيخ ريادة المملكة ضمن سلسلة القيمة العالمية لقطاع الزراعة، وبما يساعد على دعم الأمن الغذائي العالمي.

وفي قطاع البتروكيماويات، حصلت شركة سابك على دعم البرنامج للمشروع "الثامن"، المتعلق بصناعة المحفزات لتقليل الاعتماد على الواردات، وتعزيز الصادرات من خلال إنشاء أول مركز لصناعة المحفزات في المملكة.

أما المشروع التاسع، فجاء مشتركا مع الشركة المتقدمة للبتروكيماويات لإنتاج الميثيونين، للمساهمة في تعزيز الأمن الغذائي في المملكة ورفع كفاءة الأمن الغذائي.

في قطاع الاتصالات، قدم برنامج "شريك" الدعم لمجموعة stc في المشروع "العاشر" الخاص بتنفيذ مشروع كابلات بحرية كخطوة استراتيجية ستعزز من مكانة المملكة كمركز رقمي ووجهة موثوقة لحركة البيانات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتمثل المشروع "الـ11" في الشراكة مع شركة زين السعودية لإنشاء مراكز بيانات رقمية، تستهدف المساهمة في تحويل اقتصاد المملكة إلى اقتصاد رقمي رائد عبر تعزيز جاهزيتها وقدرتها على مواكبة أحدث التطورات، التي سيشهدها قطاع تقنية المعلومات في المستقبل.

وأخيرا، في قطاع النقل والخدمات اللوجستية، جاء دعم برنامج شريك لشركة البحري السعودية لمشروعها "الـ12" المتمثل في زيادة قدرتها على نقل غاز الأمونيا، الهادف إلى توفير خدمات نقل الأمونيا لأول مرة في المملكة، وتقليل الاعتماد على الناقلات الأجنبية، عبر تعزيز المحتوى المحلي في قطاع الخدمات اللوجستية.

نسأل الله جميعا أن تتوج تلك الجهود العملاقة بالنجاح والتقدم الملموس على أرض الواقع وفقا للمواعيد المحددة، وأن تنعكس نتائجها الإيجابية تباعا على الاقتصاد الوطني بالنمو والاستقرار وزيادة تنوع قاعدته الإنتاجية، إضافة إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي، وزيادة قدرته على توفير مزيد من عشرات آلاف الوظائف المجدية أمام الموارد البشرية المواطنة.

 

 

نقلا عن الاقتصادية