صندوق الاستثمارات والتمويل الأخضر

16/02/2023 0
طلعت بن زكي حافظ

تُجسد محصلات الإصدار الثاني لصندوق الاستثمارات العامة (Public Investment Fun - PIF) من السندات الخضراء في الأسواق الدولية، ريادة الصندوق على المستوى العالمي في قدرته على إصدار تمويل أخضر بمبلغ 5.5 مليارات دولار أميركي، وبالذات حين الأخذ بعين الاعتبار، تَمكن الصندوق من إصدار شريحة سندات خضراء ضمن إصدار شهر أكتوبر الماضي بقيمة 500 مليون دولار أميركي لمدة 100 عام، والتي تُعد أول شريحة من حيث طول المدة تَصدر تاريخياً لمثل هذا النوع من السندات على مستوى العالم.

يُذكر أن النسخة الأولى من السندات الخضراء، التي أصدرها صندوق الاستثمارات العامة في شهر أكتوبر الماضي بلغت قيمتها ثلاثة مليارات دولار أميركي، قُسمت على ثلاث شرائح أساسية، وهي: 1.25 مليار دولار أميركي لشريحة الـ 5 سنوات، و1.25 مليار دولار لشريحة الـ 10 سنوات و 500 مليون دولار لشريحة الــ 100 سنة. كما وقد وصلت قيمة الطلبات المحصلة مبلغ 25.9 مليار دولار أميركي مقارنةً بحجم تمويل أولي معلن بقيمة مليار ونصف دولار أميركي كحد أدني بتغطية بلغت 7 مرات.

جاء الإصدار الثاني لسندات خضراء بمبلغ 5.5 مليارات دولار أميركي خلال شهر فبراير الجاري والمقسم إلى ثلاثة شرائح أساسية، وهي: 1.75 مليار دولار أميركي لشريحة الـ 7 سنوات، و2 مليار دولار أميركي لشريحة الـ 12 سنة و 1.75 مليار دولار أميركي لشريحة الـ 30 سنة، ليؤكد مرة أخرى على قدرة صندوق الاستثمارات العامة على إصدار أكبر حجم للسندات الخضراء على مستوى العالم، سيما أيضاً عند الأخذ بعين الاعتبار أن الإصدار الثاني قد تم تغطيته بـ 6 مرات وبطلبات تخطت الـ33.5 مليار دولار أميركي، كما ولله الحمد بعد إصدار الـ30 عاما قد اكتمل منحنى العائد yield curve.

تجدر الإشارة إلى أن الإصدار الثاني قد شهد إقبالا من المؤسسات الاستثمارية الدولية، بما فيها الآسيوية، ما يؤكد على قدرة الصندوق على تنويع مصادر تمويله واستمرار الثقة في دور الصندوق كداعم أساسي لاقتصاد المملكة العربية السعودية ومكانته كأحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم وأكثرها تأثيرًا.

من المهم الإشارة إلى أن متحصلات الإصدار الثاني سيستخدمها الصندوق في تمويل وإعادة تمويل المشاريع الخضراء، تماشياً مع إطار عمل التمويل الأخضر الخاص بالصندوق، وانسجاماً كذلك مع طبيعة التمويل الأخضر من ناحية أخرى، الذي تُعرفه "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD" بأنه تمويل يستهدف "تحقيق النمو الاقتصادي مع الحد من التلوث وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتقليل النفايات إلى الحد الأدنى، وتحسين كفاءة استخدام الموارد الطبيعية"، والذي يبلغ حجه وفقاً لتقرير صدر عن المفوضية العالمية للاقتصاد والمناخ الضوء 26 تريليون دولار أميركي حتى العام 2030، وسيساعد على توفير أكثر من 65 مليون فرصة عمل جديدة.

أخلص القول: إن صندوق الاستثمارات العامة قد حقق نجاحاً باهراً في قدرته على إصدار سندات خضراء للمرة الثانية خلال عامين بحجم طلبات فاقت أضعاف المبالغ المستهدفة بكلا الإصدارين، ما يؤكد على الجدارة الائتمانية المرتفعة جداً للصندوق والثقة العالمية السيادية التي يحظى بها عالمياً.

أخيراً وليس آخراً، إن توجه صندوق الاستثمارات العامة للتمويل الأخضر يؤكد على حرصه الشديد ليس فقط على تنويع مصادر التمويل فحسب، وإنما أيضاً على حرصه الأشد على المحافظة على البيئة والتنمية المستدامة والكفاءة في استخدام الموارد الطبيعية، ما سيكون له الأثر الإيجابي على المملكة العربية السعودية واقتصادها، ويؤكد للعالم أن المملكة جادة في التحول للمشاريع ذات الطبيعة الخضراء والصديقة للبيئة.

 

 

نقلا عن الرياض