كثير من المراقبين الاقتصاديين توقعوا أن رفع حجم الكتلة النقدية من خلال السياسة النقدية والتيسير الكمي في الدول المتقدمة، خاصة أمريكا، لأعوام عدة، سيتسبب في موجة تضخم حتى قبل أزمة كوفيد، لكن هذا لم يحدث.
التضخم، كما يعرف الجميع، حدث لكن بعد أزمة كوفيد وما حدث لسلاسل الإمداد والسياسات الحمائية وأخيرا الحرب التي أسهمت في رفع تكلفة الطاقة والغذاء. لكن الاقتصاديين لم ينسوا الكتلة النقدية والمدرسة النقدية وعرابها ميلتون فريدمان.
في هذا الشأن اطلعت على ورقة حديثة صادرة من بنك التسويات الدولي، موضوعها تساؤل حول ما إذا كان نمو الكتلة النقدية يساعد على فهم موجة التضخم الحالية.
عدم وجود تضخم لفترة طويلة بعد نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات قلل الاهتمام بالكتلة النقدية وتأثيرها التضخمي.
صاحب موجة التضخم الأخيرة ارتفاع في نسبة نمو الكتلة النقدية في دول كثيرة مختلفة التجربة والمرحلة الاقتصادية. الورقة تركز على التزامن بين التضخم ونمو الكتلة النقدية، وليس التسبيب بالضرورة.
هناك حالتان في التضخم تختلف فيهما العلاقة مع نمو الكتلة النقدية: الحالة الأولى، في دول كان التضخم فيها منخفضا ومستقرا لأعوام، ولذلك العلاقة التسعيرية بين القطاعات الرئيسة كانت محدودة، والعلاقة بين الأسعار والأجور كانت رخوة.
الأخرى، في دول بدأت بحالة تضخم عالية تجد أن العلاقة بين القطاعات مؤثرة والتضخم سريع التفاعل مع أسعار الغذاء والطاقة وأسعار صرف العملة والأجور.
بهذا التزامن سرعان ما تغذي ظاهرة التضخم بعضها. الاختلاف في الحالتين يتضح في العلاقة بين نمو الكتلة النقدية والتضخم.
لذلك توصل البحث إلى أن العلاقة ضعيفة في الحالة الأولى وقوية في الحالة الأخرى. تفرق الدراسة بين حجم الكتلة النقدية وبين الزيادة غير العادية في نموها.
السؤال الطبيعي: ماذا عن دور العلاقة في الحالة الانتقالية بين الأولى والأخرى، الجواب -مع الأسف- أن فائدة النموذج محدودة، ولذلك لم يساعد كثيرا على التنبؤ بالتضخم.
هناك دروس عدة من النموذج، كما ورد في الورقة: الأول، أن علينا الحرص في العلاقة السببية، هناك تزامن ثابت لكن التسبيب يحتاج إلى مزيد من الدراسة، فمثلا قد تكون كمية النقود عاملا خارجيا جديدا من خلال شراء البنك المركزي الأوراق المالية لضخ نقود، أو قد يكون التضخم ناتجا عن دعم مباشر للعامة.
أحيانا يكون سببا داخليا من خلال نمو الطلب في الاقتصاد. الثاني، أن النموذج يناقش موجة التضخم الحالية التي لها خواص معينة قد لا تتكرر، لذلك لا بد من فترة أطول لمعرفة تطور مسيرة التضخم بجمع معلومات أكثر.
لعل السؤال أين المملكة من هذا النموذج؟
لم تناقش الورقة دولا معينة بقدر ما ناقشت تصنيفا عاما، لكن التجربة تجعل المملكة في مركز المجموعة الأولى مع الدول الأقل تضخما واستقرار الأسعار قبل موجة التضخم.
فكما هو معروف السياسة النقدية، وبالتالي الكتلة النقدية، مرتبطة بسياسة الصرف والاقتصاد المنفتح تجاريا، ولذلك جاءت نسبة التضخم في المملكة من أقل الدول وتقارن بالدول المتقدمة.
إجمالا، الورقة حاولت الإجابة عن سؤال أشغل كثيرين لمدة، لكن الإجماع بين الاقتصاديين أن موجة التضخم الحالية جاءت بسبب العرض وليس الطلب، مظاهر الإشكالية في العرض كانت سلاسل الإمداد وأزمة كوفيد والسياسات الحمائية التي زادت من وتيرتها، وربما التأثير التراكمي من التيسير الكمي، لذلك لا بد من دراسات وتحليل أكثر ليستمر النقاش والاختلافات في التحليل والتقدير والحكم والتنبؤات المستقبلية.
نقلا عن الاقتصادية
" ولذلك جاءت نسبة التضخم في المملكة من أقل الدول وتقارن بالدول المتقدمة. " !!! ، على ماذا استندت للوصول لهذا ؟ ....لدينا اشكالية كبرى هي طبخ الارقام ....number cocking ....خلال عمري لم اسمع ان رقما سيئا نشر من هيئة الاحصاءات !! ..اتذكر انه وضع مؤشر لتكلفة المعيشة في 1985وهو 100 % وطبعا من تلك الفترة وحتى عام 2000 والاقتصاد تقريبا يمر بانكماش ومؤشر تكاليف المعيشة ينخفض ..والاحصاءات تنشر ....بعدها ارتفع دخل النفط ومعه الانفاق وبدأ المؤشر يرتفع ومن ثم تم تغيبه تماما ووقف نشره ......حاولنا تعيين غربي من النمسا لاضافة الثقة على البيانات ولكن يبدو ان التجربة لم تنجح ...يجب ان نعلم ان بعض متلقي البيانات متعلمين لكي يعملوا تحقق من البيانات المنشورة cross checking ....لم ارى مؤشر التضخم لدينا يرتفع عن مستويات 2% وحواليها رغم حدة الدورات الاقتصادية التي نمر بها كوننا بلد منتج للسلع ......
لابد من مصدر رسمي للتوثيق ، ولكن سبق و ان كتبت عن ظاهره الاختلاف بين الارقام المعلنه و ما يواجه الناس عادة فيكل دول العالم و حتى المتقدمه منها، بعض الاختلاف نابع من المقارنه بين اسعار السلع المالؤفه و بين معيار التضخم الذي يعكس سلة من السلع و بعضها نابع من الخلط بين تكلفة المعيشة و التضخم لدى الكثير.