ثلاثية حياتك

23/01/2023 1
فهد عامر الأحمدي

حياتنا مقسمة بين ثلاث مراحل عمرية: طفولة مع راحة بال، شباب مع كفاح وعمل، وشيخوخة مع عجز وهرم.

كما أنها مقسمة من حيث المال والعـمل إلى: شح في المال، رغم قدرتنا على العمل، ومرحلة استقرار، مع انشغالنا في العمل، ثـم تقاعد عن العمل، مع وفرة في الوقت وتراجع في الصحة.

حين نكون أطفالا نملك كثيرا من الوقت للمرح والتعلم والاستكشاف ـ فضلا عن النوم بعمق لعشر ساعات في اليـوم. وفي هذا السن من الطبيعي ألا نملك المال ولا نحمل هم العمل والصحة وما سيحصل بعد 50 عـاما.

ونستمر على هذا الحال خلال فترة المراهقة، حتى ندخل مرحلة الشباب والعمل الوظيفي. حينها نشعر بأن وقتنا أصبح ضيقا بسبب الوظيفة والانشغال وتأسيس أسرة جديدة. نصبح فقراء من حيث الوقت ونتمنى لو تطول ساعات اليوم وتصبح 36 ساعة في اليوم. ننسى خلال هذه الفترة أننا نعيش في "عز شبابنا" ونملك كثيرا من الصحة والعافية التي يحسدنا عليها ـ ويتمنى شراءها منا ـ أشخاص يملكون البلايين.

ونستمر على هذا الحال حتى نبلغ أشدنا وندخل عقد الأربعينيات ونشعر لأول مرة بأننا ندخل منطقة الأمان والاستقرار المالي. غير أننا لا نزال نعاني الانشغال وضيق الوقت وكثرة المسؤوليات، حتى نبدأ بعد سن الـ50 بالشعور بالتعب والإرهاق وتراجع الصحة.

وحين نصل إلى سن الـ60 أو الـ70 نصبح ميسورين ويأتينا رزقنا دون عمل ـ من راتبنا التقاعدي أو من الأملاك والمشاريع التي بنيناها في مرحلة الشباب والكهولة. كما يصبح لدينا كثير من الوقت والفراغ مع فقد تدريجي للصحة والسلامة من الأمراض، فيصاب بعضنا بتضخم البروستاتا، والبعض الآخر بالضغط والسكر وهشاشة الركب!

وكل هذه المفارقات سببها أننا نحتاج دائما، وفي جميع مراحل حياتنا إلى ثلاثية المال والصحة والفراغ "التي يصعـب اجتماعها في مرحلة عمرية واحدة لدى معظم الناس"!

وأقول "يصعـب" لأن هـناك قلة تـنجـح في الجمع بـين هـذه الثلاثية في وقت مبكر من حياتها.

وأقول "معظم الناس" لأن هـناك طبقة مخملـية تولد وفي فمها ملعـقة ذهـبية ولا تشعر أصلا بهذه الدراما الحياتية.

وأقول كل هـذا لـتنبيهك لأهمية أن تكون من "الأقلية" التي تنجح في فعل ما لم يفعله "معظم الناس" وتدرك المعنى الحقيقي للحديث النبوي، "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ".

 

 

نقلا عن الاقتصادية