في البلاد في عام 2015، والمملكة العربية السعودية تَشهد حراكاً وتنوعاً اقتصادياً غير مسبوق، عززته رؤية المملكة الطموحة 2030 منذ انطلاقتها في شهر إبريل 2016 بقيادة عرابها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله-، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء.
هذا الحراك المبارك حَول اقتصادنا الوطني من مدمن نفط إلى مدمن تنوع اقتصادي بطرقه لمجالات اقتصادية كانت بالماضي القريب إما شبه معطلة أو معطلة تماماً، والتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر؛ قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وقطاع السياحية، وقطاع التعدين، ونشاط الترفيه وقطاع النقل والخدمات اللوجستية وغيرها من القطاعات والأنشطة الاقتصادية الأخرى.
هذا التعطيل للقطاعات والأنشطة الاقتصادية أدى إلى تراجع أداء الاقتصاد السعودي وتسجيل الميزانية العامة للدولة لعجز مالي خلال الأعوام التي شهدت فيها أسعار النفط العالمية تراجعاً حاداً، حيث سَجلت الميزانية العامة للدولة لنسب عجز مالي مرتفعة من الناتج المحلي الإجمالي، بلغت 15.8 % في عام 2015 مصحوبة بتباين في الأداء الفعلي لإجمالي النفقات عن تقديراتها في الميزانية بمعدل بلغ 16 % في المتوسط خلال الفترة (2014 – 2016).
تَنبهت الحكومة السعودية مؤخراً إلى ما تتسبب فيه وتحدثه التقلبات الحادة في أسعار النفط العالمية من أضرار بالغة بالاقتصاد الوطني والمالية العامة للدولة، واستدركت بأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال استمرار اعتماد الدولة على النفط كمصدر رئيس للدخل القومي ولنمو الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد بوتيرة مستقرة.
ولهذا السبب تَولى عَراب الرؤية ومُهندسها سمو ولي العهد زمام الأمور الاقتصادية في البلاد لقيادة اقتصادنا إلى بر الأمان ليس من خلال تنويع مصادر الدخل القومي فحسب، وإنما أيضاً من خلال التركيز على تنويع العلاقات الاقتصادية مع مختلف دول العالم سواء التي تقع بغرب الكرة الأرضية أو بشرقها أو بشمالها أو بجنوبها، باعتبار أن تنويع الاقتصاد بأي بلد سواء بالسعودية أو بغيرها يتتبع المسارات التي تَرى فيها الدولة مصلحة وفائدة لاقتصادها الوطني، بغض النظر عن الاعتبارات أو الروابط السياسية أو العلاقات التي تربطها بأي قطب من اقطاب العالم.
من الواضح جداً أن سياسة سمو ولي العهد تَتبع مسار العلاقات الاقتصادية التي تعود بالنفع على اقتصادنا الوطني في المقام الأول بصرف النظر عن موقع تلك العلاقة جغرافياً ومع أي دولة تكون طالما أنها تَخدم أغراضنا ومقاصدنا التنموية، ولعل الزيارات الأخيرة التي قام بها سموه -يحفظه الله- لإندونيسيا ولكوريا الجنوبية ولتايلند ومشاركته بالحوار غير الرسمي لقادة الدول الأعضاء بمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ "أبيك"، لخير دليل وشاهد على سياسة المملكة المتوجهة نحو تنويع علاقاتها الاقتصادية مع جميع دول العالم، وبالذات مع الدول التي يُعَول عليها دعم رؤيتنا الطموحة 2030، وبالذات بالجوانب التي تنقل المعرفة وتعمل على جذب الاستثمارات للمملكة بشقيها المباشر وغير المباشر.
الزيارات الأخيرة التي قام بها سموه للدول الآسيوية، جسدت حقيقة وواقع السياسة السعودية وعلاقاتها الاقتصادية بدول العالم المبنية على تحقيق مكاسب للسعودية ولاقتصادها، سيما وأن عصر المجاملات والتنازلات بين دول العالم وحكوماتها قد انتهى وأصبح تاريخاً في ظل المتغيرات الاقتصادية التي يعيشها ويشهدها العالم، ليحل مكانها تبادل المكاسب وكما يصفها الغرب وفق مقولتهم الشهيرة "مكسب مكسب Win Win".
كفو يا سمو ولي العهد بما تقوم به من أعمال وما ترسمه من سياسات اقتصادية دولية تعمل لصالح المملكة ولشعبها وللوطن ككل.
نقلا عن الرياض