فكر داخل الصندوق

14/11/2022 4
فهد عامر الأحمدي

الصناديق الاستثمارية أو الـMutual funds تحظى بشعبية كبيرة في المجتمعات الصناعية. تعرفت عليها لأول مرة من خلال برامج البودكاست والراديـو حين كنت أدرس في أمريكا قبل 30 عاما. كنت أستمع للبرامج الحوارية بهدف تطوير حصيلتي اللغوية فلاحظت أن معظم المستمعين يطرحون أسئلة تتمحور حول أفضل وسيلة لبناء الثروة، أو تـأمين سن التقاعد، أو دفع رسوم الجامعة لأبنائهم ـ وهي أهداف مستقبلية تغيب عن معظمنا مع الأسف. وكانت معظم الإجابات "التي يقدمها خـبراء المال والاستثمار" تتضمن الاشتراك في صناديق استثمارية ناجحة تناسب قدرة السائل على الانتظار والادخار.

في ذلك الوقت كان 55 مليون مواطن أمريكي يشتركون في الصناديق الاستثمارية لأهداف مختلفة. أما فكرة الصناديق ذاتها فظهرت في بوسطن 1924 حين أنشئ أول صندوق استثماري على أيدي أساتذة الاقتصاد في جامعة هارفارد. ظهرت لتوفير رؤوس الأموال الضخمة من جهة، ولأن معظم الناس غير متفرغين أو خبراء في التداول من جهة أخرى. تقـوم بالاستثمار بالنيابة عنهم مقابل رسوم إدارية وعمولة مئوية ـ وبضمان رأس المال في أحيان كثيرة. فبدل أن يشتري الفـرد مثلا أسهما لا يجيد اختيارها، يشتري "وحدات" في صندوق استثماري يضم شركات كثيرة ويديره محترفون يعرفون أسرار المهنة ويملكون فرص نجاح كبيرة. وحين يشترك آلاف الأفراد في صندوق واحد، يتوافر لإدارة الصندوق رأس مال ضخم يسمح لهم، ليس فقط بالمضاربة والاستثمار على مستوى أكبر، بل بالتأثير في مسار أسهم وقطاعات معينة.

وكل هذا يعني أن الصناديق الاستثمارية تملك مزايا نوعية لا تتوافر لك كمستثمر فرد أهمها، الإدارة الخبيرة، المتابعة اللصيقة، رأس المال الضخم، وتوزيع المخاطر على شركات وقطاعات كثيرة.

وعطـفا على هذه المزايا أنصحك بترك مهمة استثمارك في سوق الأسهم "بالذات" لمديري الصناديق الأكثر خبرة وتمرسا. ما لم تكن قادرا على التفوق عليهم، اشترك معهم من أجل تقاعدك ومستقبل أطفالك حين يصبحوا في سنك. إن أردت تكرار التجربة بلا قلق وتوتر ومتابعة تحركات المؤشر، اذهـب ببساطة إلى بنكك الخاص واشترك في صندوق استثماري يملك إدارة ناجحة "أو يتتبع حركة المؤشـر" وحـقق متوسط أرباح جـيدة في آخر عشرة أعوام على الأقل.

حان الوقـت يا صديقي للتفكير داخـل الصندوق قبل البحث خارجه.

 

نقلا عن الاقتصادية