تَوقع تقرير صدر مؤخراً عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنميةThe Organization for Economic Co-operation and Development – OECD تحقيق اقتصاد المملكة العربية السعودية لنمو يصل لـ9.9% خلال العام الجاري 2022، والتي تمثل أعلى نسبة نمو بين دول مجموعة العشرين G20، كما أنها تأتي متوافقة مع تقديرات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء والتي أعلن عنها في شهر مارس الماضي بأن المملكة ستكون الأسرع نموًا في العالم بفضل ما تمتلكه من مُمكنات قوية.
استندت تقديرات المنظمة لنمو الاقتصاد السعودي على عدة اعتبارات، من بينها جدية وجدوى الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها المملكة وفق إطار رؤية المملكة 2030، والتي كان لها دور بارز في جهود التنويع الاقتصادي والإسهام في تعزيز نمو الإيرادات غير النفطية بالإضافة إلى تمكين المملكة من إطلاق مشاريع استراتيجية كبرى وتفعيل الاستثمار في القطاعات الواعدة، مما كان له بالغ الأثر في امتصاص واحتواء الأزمات المُتلاحقة التي حَلت بالعالم مثل أزمة جائحة كوفيد – 19 المستجد وغيرها من الأزمات.
وعلى الرغم من النظرة القاتمة والضبابية لأداء الاقتصاد العالمي وفقاً لتقدير المنظمة بتوقعها بأن يظل النمو ضعيفًا في النصف الثاني من العام الجاري قبل أن يتباطأ أكثر في عام 2023 ليصل إلى نمو سنوي يقدر بنسبة 2.2% فقط، إلا أنه وفقاً لتقدير المنظمة أن نسب نمو اقتصاد المملكة جاءت مُخالفة لذلك، وذلك نظيراً للتحسن القوي في النشاط الاقتصادي للمملكة مدعوماً باستراتيجية تنويع مصادر الدخل واحتواء التضخم، إضافة إلى قوة مركزها الاقتصادي الخارجي.
وتبعاً لذلك فقد بَرهن التقرير الصادر عن المنظمة على قوة الاقتصاد السعودي ومقدرته على الصمود رغم التحديات التي واجهها خلال الأعوام الماضية، وذلك بفضل الإصلاحات المالية والاقتصادية التي ساهمت في التحسين من بيئة الأعمال وتنويع قاعدة الاقتصاد ومصادر الدخل، وكذلك التعزيز من التنافسية، إذ يُعد نمو الاقتصاد السعودي الأعلى بين دول مجموعة العشرين في عام 2022 و 2023، مدفوعًا بالسياسات المالية المُنضبطة وكفاءة الإنفاق وزيادة تعزيز الاستدامة المالية والخارجية، والتي ساهمت في التخفيف من حدة انعكاسات التقلبات الاقتصادية الدورية على أداء الاقتصاد وساعدت كذلك على تحقيق تعافٍ قوي جيد وشامل.
تجدر الإشارة وفقاً لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى أن الاقتصاد السعودي سيستمر في تصدر دول العالم من حيث النمو الاقتصادي حتى في العام القادم بنسبة نمو تقدر بـ6% في حين قَدرت المنظمة أن تبلغ نسبة نمو الاقتصاد العالمي واقتصاد مجموعة دول العشرين بـ 2.2% لكلاً منهما.
أخيراً وليس آخراً، استند التقرير في تقديره لنمو الاقتصاد السعودي على الجهد الكبير المبذول في مجال الإصلاحات الاقتصادية التي استهدفت التحسين من بيئة الأعمال من خلال تبسيط القواعد التنظيمية ورقمنة العمليات الحكومية، إضافة إلى العمل على مجموعة واسعة من المشاريع في عدد من القطاعات التي من ضمنها تحسين البنية التحتية، والارتقاء بالخدمات اللوجستية وصناعة الترفيه والسياحة والتعدين والقطاع المالي.
يذكر أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، هي منظمة اقتصادية حكومية دولية تتكون من 38 دولة، تأسست في عام 1961 لتحفيز التقدم الاقتصادي والتجارة في العالم، من خلال العمل جنبًا إلى جنب مع الحكومات وصانعي السياسات لوضع معايير دولية تُعزز من مستوى الرخاء العالمي.
وتجدر الإشارة إلى أن المنظمة تسعى إلى المساواة بين فرص العمل، بما في ذلك التعزيز من مستوى التعليم، ومكافحة التهرب الضريبي الدولي، حيث تقدم المنظمة منتدى فريدًا ومركزًا للمعرفة للبيانات والتحليل، وتبادل الخبرات، ومشاركة أفضل الممارسات، هذا بالإضافة إلى تقديم المشورة بشأن السياسات العامة ووضع المعايير الدولية الكفيلة بتحقيق حياة أفضل لدول العالم، من خلال استثمارها لـ 60 عامًا من الخبرة والرؤى وإيجاد الحلول لمجموعة من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تضمن التحسين من أداء الاقتصاد العالمي.
أخلص القول؛ بأن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية استندت في تقديرها لنمو الاقتصاد السعودي على حقائق ووقائع دامغة عن واقع أداء الاقتصاد السعودي، والتي أسهمت في ذلك النمو، والتي من بينها جدية الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والمالية التي انتهجتها المملكة وأتت بأكلها وثمارها في ظروف غامضة وغير واضحة بالنسبة لأداء الاقتصاد العالمي، نتيجة لعدة أسباب؛ من بينها: ارتفاع معدلات التضخم بمعظم دول العالم وتشديد السياسات النقدية، وارتفاع أسعار الفوائد، والنزاع الروسي الأوكراني، والتي ستتسبب هي وغيرها من الأسباب وفقاً لتقدير المنظمة في انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار 2.8 تريليون دولار أمريكي على الأقل في العام القادم 2023.
ولكن ورغم ذلك وذاك وبما في ذلك اتساع هوة الضغوط التضخمية على مستوى العالم، والتي تخطت نطاق أسعار الطاقة والغذاء لتشمل ارتفاع تكاليف النقل والعمالة، إلا أن المملكة العربية السعودية، لا تزال تحافظ على معدلات تضخم في مستويات معقول ومقبولة اقتصادياً، وفقاً لتقديرات وزارة المالية السعودية، التي توقعت أن يصل معدل التضخم هذا العام إلى 2.6% ومن ثم ينخفض تدريجياً على المدى المتوسط ليصل إلى 2% في عام 2025.
نقلا عن الرياض