قد يتفاجأ كثير من المتداولين العاديين في السوق السعودي أن شركة انعام ليس لها علاقة من حيث نشاطها الذي تمارسه حاليا بالمواشي , وذلك منذ مدة طويلة قد تزيد على 12 عاما , وعلى الرغم من أن الشركة نشأت كشركة لتجارة المواشي منذ الثمانينات في القرن الماضي , الا انها بعد ان عانت من خسائر متتالية , ونتيجة دخول ملاك جدد تم تغيير اسم الشركة من المواشي المكيرش الى انعام القابضة عام 2006 وهذا يعني أن الشركة بصفتها شركة قابضة , اصبح لها الحق في تنويع انشطتها حسب ما نص عليه نظامها , ثم بعد عام من ذلك تم تخفيض راس مال الشركة من أكثر من مليار ريال سعودي الى 109 مليون ريال سعودي عام 2007, ومن ثم بدأت الشركة تتخلص من تجارة المواشي , وباعت اسطول نقل المواشي التابع للشركة, وتحولت الى انشطة اخرى مثل استيراد الدواجن من فرنسا , وزراعة الاعلاف في مشروعها في الجوف , اضافة الى عملية النقل . وتأجير ثلاجتها في جدة لحفظ المواد الغذائية لعملاء الشركة.
يبدو أن الحظ العاثر يلاحق الشركة فبعد الصعوبات في تجارة المواشي وتخلص الشركة منه , توقفت الشركة عام 2013 عن استيراد الدواجن من فرنسا بعد ازمة الدواجن في البرازيل واغراق الاسواق بالدواجن البرازيلية الرخيصة آنذاك مما اثر على الشركة الفرنسية التي كانت انعام تستورد انتاجها وتوزعه في السوق المحلي ,ثم بحلول عام 2017 صدر قرار مجلس الوزراء بإيقاف زراعة الاعلاف حفاظا على الموارد المائية , واستجابة للقرار توقفت شركة انعام عن زراعة الاعلاف بحلول عام 2018 ,على الرغم من أنه كان يمثل حوالي 80% من مبيعاتها ,وبدأت الشركة في بيع معدات الانتاج من مكائن وسيارات وغيرها , وفي أواخر عام 2021 باعت الشركة أراضيها في منطقة الجوف بحوالي 85 مليون ريال ,وهذا يمثل نقطة تحول كبرى عن النشاط الزراعي الذي كانت تمارسه الشركة منذ انشائها , لا سيما بقيام الشركة لاحقا بتصفية "شركة انعام الدولية الزراعية" التي تتولى النشاط الزراعي في منطقة الجوف.
وبعد أن قامت الشركة بزيادة رأس مالها مرتين في الأعوام الاخيرة فقد وجهت الشركة المبالغ المتحصلة الى الاستحواذ على اصول عقارية مدرة للربح كما تقول الشركة , اضافة الى الاستحواذ على نسبة 51% في مصنع واسط لأنظمة الترفيه والتجميل بسدير بمبلغ 24 مليون ريال, كما قامت بالاستحواذ على نسبة 55% من شركة ارو للمستلزمات الطبية بمبلغ 15 مليون ريال سعودي, وعلاوة على ذلك استحوذت الشركة على نسبة 100% من مبنى المكاتب الخاصة الواقع بحي الروضة في شارع الأمير سلطان بمدينة جدة بمبلغ 312 مليون ريال سعودي , اضافة الى الاستحواذ على مبنى عقاري بمدينة جدة بمبلغ 23 مليون ريال سعودي.
ومن المحتمل ان لا تكون هذه الاستحواذات الاخيرة , لكن الملاحظ أن الشركة قد خرجت تقريبا عن ما عرفت به من نشاط زراعي.
ختاما نؤكد أن تغيير أي شركة نشاطها كليا أو جزئيا عن ما أنشئت من أجله لا ضير فيه ولا غضاضة , وقد يكون مطلوب وحتمي عندما تواجه الشركة صعوبات في تسويق منتجاتها بسبب ضعف الطلب عن المنتج عن ما كان سابقا نتيجة تطورات السوق , وتبدل مزاج المستهلكين , أو نتيجة لضعف تسويق منتجاتها وانعدام الكفاءة والخبرة للتسويق , ولعلي اشير هنا الى اشهر شركة عالمية غيرت نشاطها بشكل جذري وهي شركة نوكيا التي كانت تمارس عند تأسيسها صناعة الاخشاب قبل ما يزيد عن 100 عام , ثم وفي عام 1970، بدأت الشركة في إنتاج معدات وأدوات وأجهزة الراديو، ودخلت في مشروعات مع جيش فنلندا، لتوفير هذه المعدات، وبعدها تحولت الى انتاج الهواتف المحمولة , والشاهد هنا أن تغيير النشاط قد يكون ضروريا وحتميا لاقتناص الفرص في السوق والدخول في قطاعات ذات نمو عالي واقبال من المستهلكين , لكننا نشير هنا الى ضرورة وجود كوادر مؤهلة لإدارة هذا النشاط الجديد تتمتع بالكفاءة والخبرة , اضافة الى التحول بناء على دراسات جدوى وليس وفقا لآراء شخصية من هنا أو هناك.
ملخص خفيف ولطيف وممتع - وثري بالفائدة!
شكرا, رصد ممتاز, معلومات مفيدة وبحث دقيق "انعام ريت"
وضع ادارة شركة انعام هو "مال عمك لا يهمك، وجلد ما هوب جلدك جره على الشوك" ، بصراحة لا أثق في أي شركة كان لها ماضي سئ في سوق الاسهم مهما تزينت وتجملت، فهناك في الغالب حرس قديم لا يزال بالشركة وهو المستفيد الوحيد من جميع مآسيها